عـدم الـمـغـفـرة

          أيّها الأحباء: هذا موضوع مهم جدا في حياتنا اليوميّة، فهذا العنوان عدم المغفرة يعلّمنا كيف نغفر لمن أساء إلينا على منوال السيد المسيح له المجد.

           يا أخي: أن لا تكون لك الرغبة في أن تغفر ولو لشخص واحد فقط من الذين أساءوا إليك، فهذا بكل تأكيد يعوق عمل الروح القدس فيك. لذا يحاول إبليس بكل الطرق المتاحة له أن ينشئ فينا عدم المغفرة وذلك لمصلحته التي تمنع عمل الروح القدس. فمهما كانت الإساءة التي صدرت عن شخص ما فيطلب منك المسامحة، فتقول: لا...لا أستطيع أن أسامحه عمّا فعل بيّ.   

          أجل يا أخي: ما أخطر عدم المغفرة، لأنّه يعوق الفرح بالله، ويعطّل عمل الروح القدس.... فلو عدنا إلى الأمثال التي شرحها لنا الرب بنفسه لوجدنا مدى المغفرة التي قدّمها لنا يسوع. فتحدّث الرب عن عبد كان مديونا للملك بعشرة آلاف وزنة فهذا المبلغ الضخم الذي يستحيل عليه سداده.... هذه صورة لدين الخطية الذي يستحيل على الإنسان أن يسدده... ولكن الملك سامح العبد..... والرب يسوع سامحنا على حساب دمه المسفوك الذي لا يقدر بثمن. ثمّ حدث شيء يقول الرب يسوع: لمّا خرج ذلك العبد بعد ما ترك الملك له الدين، وجد واحدا من العبيد من رفاقه كان له مديونا بمائة دينار. هـنـا أسأل: ماذا يريد الرب يسوع أن يعلّمنا بهذا المثل؟ يـا أخي: قارن معي بين دين العبد للملك ودين العبد لرفيقه العبد. أي فرق هذا: لا مجال للمقارنة بينهما... نعم لا مجال للمقارنة بين غفران الله لك الذي كلّفه موت الصليب وغفرانك أنت لأي شخص مهما كانت إساءته لك..... هنا نكمل المثل....نعم لم يرض العبد أن يترك لرفيقه دينه القليل، بل أمسكه وألقاه في السجن حتّى يوفي دينه.( مت 18: 28-30).

          أجل يا أخي: هذه صورة يقدّمها الرب للإنسان الذي يرفض أن يسامح. والآن نقرأ كلمات الرب المحذرة، انّه يكمل قائلا : ( غضب سيّده على ما فعل وسلّمه إلى المعذبين.... فهكذا أبي السماوي يفعل بكم إن لم تتركوا من قلوبكم كل واحد لأخيه زلاّته)( مت 18: 34-35). آه يا أخي إن عدم المغفرة يسلّمنا إلى المعذبين.... إلى الأرواح الشريرة التي تعذّب....إلى أرواح الإكتئاب والقلق....فالنفوس التي لا تريد أن تغفر... فلن تزول أبدا من داخلها آثار إساءة المسيئين المدمّرة إلا بعد أن يسامحوهم من القلب. فإذن عندما لا تغفر فأنت تفتح الباب للأرواح الشريرة لكي تأتى وتؤثر عليك.

          فالرسول بولس يقول:( إن كنت قد سامحت بشيء فمن أجلكم بحضرة المسيح لئلا يطمع فينا الشيطان)(2كو 2: 10-11). إذن يا أخي دعني أسألك سؤالا محددا: هل غفرت كل إساءة أنت لك ذات يوم؟ للجواب على هذا أقول:إن عدم المغفرة هي حصن خطير للغاية لا تهدمه سوى معاول الإيمان التي تحركها يد النعمة الغنيّة.

          فإذن دعونا يا أحبّائي أن نتحرر من مختلف القيود والمتاعب النفسية التي يصيب إبليس بها البشر. ونكون أبناء حقيقيين للرب ونحيا حياة الإيمان والمحبّة لكي نفوز بالنعمة.