كتاب الـمـعـلـم الـكـبـيـر

إهــــداء
إلـــى كـــل مـــرب

و
مـــربـــيـــة

أنـــتـــم مـــلـــح الأرض 

أنـــتـــم نـــور الـــعـــالـــم

 

 

الـــمـــقـــدمـــة

 

أشكر اللـــه العلي القدير الذي ألهمني إلى كتابة

هذا الكتاب الذي حصرت فيه كل ما هو مفيد

للمعلمين الأعزاء ليكون رفيقا لكل معلم مخلص

ومحب لرسالته العظيمة ولبناء مجتمع مثقف

صالح، لعله يجد فيه خير معين لرسالة التعليم.

 

كــفــاءة الــمــعــلــم لــلــتــعــلــيــم

المعلم الناجح يبين الحق في حياته.

لم يكن أحدا كفوءا لمهمة التعليم إلا المعلم المثالي بصفته إنسانا بكل معنى الكلمة. وكفاءته للتعليم تجمع عناصر كثيرة بعضها بشرية، بعضها فطرية وبعضها اكتسابية، وللتأمل في هذه العناصر ينعشنا في خدمتنا كمعلمين.

المعلم مثالا للحق.

من أهم مؤهلات المعلم أن يكون هو نفسه مثالا للحق الذي يعلمه. فان القدوة تفيد أكثر من مائة عظة. ولذا يقال: (لا أسمع أقوالك لضجة صوت أعمالك). وأهمية جعل المعلم نفسه قدوة لنجاحه في التعليم هي أن الجامعة المثالية تتكون من معلم مثالي مع تلميذ له. وقال أحد الشعراء إن المهم في التعليم ليس ما يتعلمه الإنسان بل ممن يتعلمه.فيجب على المعلم أن يبين الحق في مجرى حياته لا أن يتكلم عن الحق فقط فيصبح تعليمه فعالا بالنسبة إلى فاعلية حياته.إن المعلمين العظماء هم الذين جعلوا أعمالهم شواهد وصورة مطابقة لتعاليمهم في الحياة. فيجب أن يتمتع المعلم بهذه الصفات فهو ينبوع لا ينضب من الحق والمهابة والإحسان والغيرة والصبر والمواظبة وطول الأناة. فالمعلم تعلم من اختباراته في الحياة اليومية وتعلم من التجارب، لأن علمه من الداخل من صميم حياته وعليه يعلم بجلاء ويقين وقوة.

المعلم جاء لكي يخدم.

من أهم مؤهلات المعلم الاهتمام بالآخرين والرغبة في مساعدتهم. ومهما امتاز في المعرفة وفي تفهم الطالب وفي المهارة في أساليب التعليم فلا شيء من هذا يعوض عن عدم الاهتمام بالآخرين فلا يحل محل الاهتمام القلبي بالأفراد. ومن جهة أخرى فأن المحبة والرغبة في خدمة الطالب تعوضان إلى حد بعيد عن الضعف في العلم وأساليب التعليم. فإن أصعب مرحلة للتعليم هي ما بين سن الثالثة عشر والخامسة عشر لأن هناك معلمين ينقصهم تقريبا كل مؤهلات التعليم ما عدا المحبة لطلابهم وكانت هذه المحبة وحدها تكسبهم النجاح والتأثير الفعال، لأن المحب محبوب من الجميع. فهنا أقول: إن الرغبة في التعليم كانت من مميزات كل معلم عظيم خلال جميع العصور. 

الوثوق بفاعلية التعليم.

أعتبر التعليم الفرصة العظمى لتشكيل المثل العليا في الناس وعقليتهم وتصرفاتهم، لذا فأنه لم يكن المعلم أولا مصلحا أو حاكما بل كان أولا معلما. كان عمله الرئيسي التعليم لأنه جعل التعليم وسيلته الأولى في حياته. فنقول هنا العلم نور، ومن يهب هذا النور، أليس المعلم؟فإذا يحق للمعلم أن يدعى بالنور لأنه ينير عقول تلاميذه. فالمعلم لا يقتصر تعليمه فقط في الصف بل أينما وجد مع طلابه وبين الناس ليفيض من علمه نورا على الجميع فلا يتقطع عن تقديم ما وفي البيوت والمجتمعات لأنه يخلق جوا تعليميا مثيرا لأن الناس يشعرون بأنهم بحاجة ماسة إلى المعرفة. فإن مجد مهنة التعليم الأعظم هو أن يكون معلما.

معرفة الكتب معرفة كاملة

إن الإحاطة التامة بمعرفة الكتب هي شرط ضروري لنجاح المعلم، لأن الكتاب هو المادة الأساسية في عمله. فيجب على المعلم أن يكون حائزا على كل المؤهلات وفضلا عن ذلك يعرف الكتب معرفة جيدة بل يسبر في أعماقها ومعانيها ومراميها حتى يستطيع أن يطبقها بسهولة.

فهم الطبيعة البشرية.

يطلب من المعلم مع معرفة الكتب فهم الطبيعة البشرية، ومن بعض النواحي كان هذا الفهم من معرفة الكتاب لأن المعلم لا يقدر أن يطبق الكتاب على الحيلة إن لم يفهم الطالب وحاجاته.فكما ان الطبيب يحتاج على فحص المريض قبل أن يصف له الدواء كذلك يحتاج المعلم إلى معرفة الحياة البشرية ومشاكلها قبل أن يطبق عليها الدواء الكتابي. فبالحقيقة أن الطالب أهم من المادة. فالكتاب يعطى للتعليم والتقويم والتأديب. إذن من الأمور الهامة جدا أن نفهم الأشخاص الذين نعلمهم. فالمعلم الناجح قد سبر غور الحياة البشرية فاستطاع معرفة سامعيه منتبهون أم ساهون، مهتمون بتعليمه أم مهملون، فاهمون تعاليمه أم مرتبكون من تأثيرها، موافقون على ما قال هو أم معارضون له. ولولا هذه المعرفة لم يكن تعليمه فعالا وقيما لكان وقع في الشرك. كما وأنه بواسطة هذه المعرفة يفهم مقدرة تلاميذه وحاجاتهم ومواقفهم ودوافعهم وبواسطتها استطاع أن يعلمهم على ضوء ظروفهم وحاجاتهم. إذا هدف المعلم من التعليم أن يسد حاجاتهم العميقة المخبأة التي في أحيان كثيرة لم يدركوها هم أنفسهم.

إتقان فن التعليم.

يظهر إتقان فن التعليم باستعماله من وقت إلى آخر كل أسلوب مستعمل الآن تقريبا أو على الأقل المبادئ الأساسية فيها مثلا: استعمال السؤال، المحاضرة، المثل، المحادثة، المباحثة، الرواية، والتمثيل. ليظهر إتقانه لفن التعليم أيضا في تنسيقه أجزاء الدرس إلى المقدمة ثم صلب الموضوع ثم الختام. ويحسن بنا أن نتقن فن التعليم. فإن التكريس والحماس والأمانة لا تعوض عن معرفة أساليب التعليم ولا تغني عن ضعف في تنسيق أجزاء الدرس. إذ ليس فن التعليم فطرة بل هو مما يكتسب بالدرس الدقيق والتمرين المتعب. وعلى المعلم أن يدرس كتبا أخرى عن التعليم ويتقنها وأن يدرس كتبا عن الطلاب وحاجاتهم. فإذا نحن مدينون لأنفسنا ولطلاب صفوفنا بإجادة التعليم على قدر الإمكان.

 صــفــات الــتــلامــيــذ

إذا ظن أحد أن الذين علمهم المعلم في الماضي كانوا أشخاصا مثاليين فهو على ضلال. لكنهم كانوا بشرا وقد اتصفوا بما في البشر من قصور وضعف،لأن الطبيعة البشرية تبقى كما هي.ويصح هذا القول على جميع العصور والبيئات وأحوال الثقافة والمدنية. فلا تزال هناك مشكلة صغيرة يجب أن يحلوها وهي مشكلة الطبيعة البشرية. إن هذه المشكلة الدائمة الوجود، ولكي نعثر على بعض الاقتراحات لمعالجة طلابنا وقد نتشجع في خدمتنا التعليمية.

طلاب غير كاملي النمو شخصيا.

في بدء عمل المعلم يواجه طلابا بعيدين جدا عن حد الكمال أي في طور الابتداء فانهم سيحتاجون إلى الكثير من الصبر وبعد النظر ومثابرة ونشاط دائمين.فلا نحتاج إلى التمعن في آمرهم لكي نرى ضعفهم وعدم كمالهم. فيجب على المعلم أن ينميهم في فن التعليم والتدريب فهذا يكون عملا عجيبا.حقا لا يعرف أحد الإمكانيات في شخصية صبي أو بنت ومتا قد يظهر منها في المستقبل لسبب التعليم الجيد. وقد أتيح لنا نحن المعلمين امتياز التأثير على حياة أشخاص غير بالغين قد يظهرون مما لا قيمة لهم، وقد أتيح لنا أن ننميهم حتى يصبحوا أشخاصا بارزين.

طلاب حادي الطباع.

كثير من الطلاب توجد فيهم صفات رديئة فمنهم نزقي الطباع لدرجة بعيدة أي أنه ينساق لعواطفه بسرعة. ومنهم الأهوج أي يعمل فورا ثم يتأمل في ما عمله بعد فوات الأوان.ومنهم السريع الغضب الذي يغتاظ سريعا. ومنهم من حاد الطباع الذي لا يقيد بعرف أو عادة، وهذا دليل على التسرع والنزق وحرارة القلب. أما المعلم الناجح فيحثهم دائما على التبصر بعواقب العمل قبل الإقدام عليه، لأن التلميذ المتوثب الذي يستوجب أن تردعه وتقمع حماسه أكثر من غيره قد يكون شخصية ذات قيمة عظيمة في المستقبل.

طلاب غير كاملين.

يواجه معظم المعلمين أشخاصا غير كاملين، غير بالغين، متسرعين في العمل. لأن المعلم لا يعرف ما يمكن أن يحصل في حياة طلاب صفه لجهله أفكارهم وغاياتهم. لكنه يعرف أن الغرائز إذا لم يكبح جماحها تؤدي ولا مفر إلى خراب الحياة. فقد تختبئ تحت منظر الصبي الجميل ميول أن لم تضبط تقوده إلى السجن. والبنت المؤدبة اللطيفة الطاهرة القلب قد تقودها الشهوات والطموح الجامح إلى حياة الخزي. إذ علينا دائما أن نهدف في تعليمنا إلى ردع الميول الخاطئة وتطوير الأخلاق.

طلاب في حيرة (مشاكل).

يواجه معظم المعلمين مشاكل كثيرة مع طلابهم، فتوجد هناك مشاكل متنوعة في حياتهم تعالج نواحي عديدة من الحياة والتي أثرت على حياتهم بصورة قوية فعالة. حقا يجب على المعلم الناجح أن يعالج معظم المشاكل الشخصية بكل حب وان لا يتخلى عن أي مشكلة مها كان حجمها.  لكن مشاكل الحياة لا تختلف كثيرا بين الناس، فيجب عليه معالجة المبادئ الأساسية أكثر من الحل المحدود.وهكذا يصبح مرشدا ومستشارا فضلا عن كونه معلما. ولا بد لنا من اسداد النصح لطلابنا أيضا في مشاكلهم الحرجة إذ أردنا أن نؤدي أثمن خدمة وأكثرها حيوية لهم. فالمعلم الناجح يتقن فن الإرشاد والهداية كما هو متقن فن التعليم.

طلاب جهالا.

إن قلنا أن عقول طلابنا كانت مظلمة وغليظة بالإضافة إلى كونها متحيرة قد يظهر قد نظهر استخفافا بهم وإهانة لهم. فان الجهل ووجهة النظر المغلوطة كليهما يعرقلان عمل المعلم إذ يصعب عليه أن يتغلب على الغموض الفكري والرأي المعوج معا. فلو شعر بالفشل وخيبة الأمل لأنهم لم يدركوا معنى الحقائق التي عملها، فلا تيأس من التعليم بل يجب أن نواظب على السعي بصبر.

طلابه متحيزين ( غير كاملي النمو). 

يواجه المعلم طلابا غير كاملي النمو وحادين الطباع ومتحيرين وجهالا لأن صورة حالتهم لم تكتمل بعد فلم تكن هناك قابلية لفهم الحقائق التي قدمها المعلم لهم وهضموها. فهذه صورة واضحة للعقل المغلق الجاف الذي لا يعير الحقيقة المقدمة له أقل انتباه. فلذلك يواجه كل معلم مدرسة عقولا مغلقة في أي درس أو موضوع آخر تمنع اشتراك طلابه بعقول مفتوحة. وحقا أن التحيز أصعب من الجهل. ونستطيع أن نقول إن الصعوبة العظمى التي تواجه المعلمين هي العقل المغلق المتحيز.

طلاب متقلقلين

لو استطاع تلاميذ المعلم أن يقوموا بأعمال تناسب مع ما بذل في سبيل تعليمهم وتفهيمهم لجاءت النتائج جيدة جدا. ولكن إذ كان عمل المعلم قد ظهر فاشلا من حيث النتيجة إذا يجب أن لا نتعجب إذ لم يعطي عملنا النتيجة التي نريدها. وعندما تعترضنا الصعوبات في جذب اهتمام طلابنا يجب علينا أن نتذكر بأن هذه هي مهمتنا الأساسية في التعليم.فيجب على المعلم أن يصبر على الصعوبات والفشل والمواظبة على التعليم بكل جد ونشاط وجعل طلابه فرقة قادرة على التغلب على كل هذه المصاعب. فإن مطلبنا في هذا الفصل أن نرى طلابنا مجتهدين فنفهم مهمتنا بجلاء أوضح ونتشجع في القيام بها بأمانة وإخلاص.

هـــداف الــتــعــلــيــم 

إن الأهداف الواضحة والمحددة لمن لهم مقومات التعليم. وما أقل المدرسين الذين يمضون في عملهم شهرا بعد شهر وليس أمامهم غاية سوى توصيل المواد المعينة لطلابهم. فالمعلم الذي يستهدف غاية في تعليمه يعزوه الإحكام والدقة ولا يفهم نسبة أجزاء الدرس بعضها إلى بعض ولا يجد مقياسا صحيحا يمتحن به نتائج تعليمه. فيتخبط في سيره ولا يعرف إذا كان قد وصل إلى ما يرمي إليه أم لا. فالمعلم الناجح يعرف أهدافه وعزم على الحصول عليها فسار دائبا نحوها غير هياب للعوائق والفشل. فيعمل على تغيير حياة تلاميذه لكي يدخل في نطاق هذه الغاية الشاملة أهداف كثيرة. 

خلق المثل الصحيحة:

إن المثل العليا هي من أقدر العوامل الفعالة في الشخصية لبناء الأخلاق وتضبط إلى حد بعيد تصرف الإنسان كما وأن الدوافع الغريزية تخضع لها.فأقول هنا ( إن المثل العليا هي الروافع التي ترفع الطبيعة الفطرية إلى مستوى أعلى).فإنها هي التي تحدد تأثير ميولنا العاطفية وتصميماتنا الجدية. فقد يعتقد أحدهم أن عليه أن يعطي حينما يشعر بالرغبة في العطاء فقط ولا يشعر بالواجب إلا عندما تتأثر عواطفه بشيء ما. ولتحديد تصرفاته نحوها أقول: إن الفهم الصحيح هو أساس الحياة السليمة والمعرفة الصائبة إنما هي ضرورية للتصرف المستقيم لأن المرء لا يستطيع أن يعيش على مستوى أعلى من فهمه ولذا فإن الذي يكون مثل الطلاب العليا يعين إلى حد بعيد مصيرهم.

فمن الطبيعي والحالة هذه أن يسعى المعلم لتكييف المثل الصحيحة في الطلاب وان يوجه نظرهم في الحياة لتقويم تصرفاتهم وهذه هي أهم أمور الحياة.  فليس شيء أهم من تقديم المعرفة المغذية للطلاب. فلنذكر إذا قيمة غرس الحقائق في عقول طلابنا وطالباتنا وبناء مثل الحياة الصحيحة فيهم، فحسب قول علماء النفس: ( فوق كل تحفظ احفظ قلبك لأن منه مخارج الحياة).

التركيز على الدوافع الغريزية:

لم يقف المعلم أو المعلمة عند إعطاء المعرفة عن الأمور الخلقية، لأن المعرفة وحدها لا تستطيع أن تتغلب على الدوافع الغريزية والبيئات الفاسدة لأن الإنسان قد لا يعرف الشر ومع ذلك ينقاد إلى السقوط في إحداها أو جميعها.فلكي بقوم المعلم أو المعلمة بواجبهم بأكمل وجه يجب عليهم أن يقوموا بأعمال صالحة لرفع المستوى الأخلاقي  وليس تقديم المعرفة فقط. بل يهدف إلى إيقاظ الشعور وإنماء وجهات النظر. فيدرك المعلم أو المعلمة حرارة الحماس مع ضرورة نور الفهم لها ليكون تأثيرها فعال.وأقول هنا: ( عالج الحياة بكاملها وليس الناحية الفكرية منها فقط بل غذي الناحية العاطفية والناحية العقلية من حياة طلابه أيضا. فالمعلم أو المعلمة الناجحة أثناء الشرح يسال لكي يعرف هل الطلاب مهتمين ومستمعين وما مدى رغبتهم فيه.

أحيانا يستخدم المعلم أو المعلمة طريقة الخوف ليرسخ الاعتقاد والإقناع فيشدد على العقاب. وعلى ضوء هذا التشديد من المعلم لا يستطيع الطالب أو الطالبة إلا أن يشعر بأن تعاليمه أثرت عليهم أعمق التأثير وإنهم متأكدون من أهمية الحقائق التي تعلموها.هنا أيضا يحسن بنا أن ننجز شيئا من تعليمنا لكي يترك طلابنا الدرس مفعمين بالإدراك الجلي لقيمة ما درسوه. وهكذا يجب أن نقوي اعتقادات طلابنا حتى لا يسمحوا أبدا لأنفسهم بالسقوط.

العلاقة الصحيحة بين الطالب والمعلم:

إن مهمة المعلم أو المعلمة الأولى هي خلق علاقة صحيحة بينه وبين طلابه لأن العلاقة الصحيحة هي الأساس الوحيد لنجاح مهمته العظمى. هناك نقاط رئيسية لهذه العلاقة مثلا: علاقة الطالب مع معلمه فإن هذا الانتساب هو التكييف الأعظم في حياة كل طالب فروح التهذيب في تقلل في مشاكل ضبط النفس والاعتدال، وإلى أن تتحقق هذه العلاقة في حياة طلابنا فإنها تظل هذه غايتنا العظمى كمعلمين. وقد يتنوع قالبه بالنسبة للعمر والثقافة، لكنه في جميع الحالات يشتمل على علاقة صحيحة بينهم.

تحسين العلاقة بين الطلاب:

 تحتوي الحياة الحقيقية على العلاقات مع الآخرين من الديانات خصوصا في مدارسنا اليوم التي تجمعهم تحت سقف واحد، لأن الدين مرتبط بكل علاقات البشر وميولهم وجهادهم وهو متشابك في شؤونهم جمعاء. وتحتوي مهمة تحسين علاقة الطلاب مع بعض على عدة أمور وأهمها المحبة وهذه مهمة ملقاة على عاتق المعلم أو المعلمة لأن المحبة الحقيقية تحطم جميع الحواجز بين الطلاب، إذ لا يمكن أن تقوم بين الطلاب علاقات صحيحة حيث تسود البغضاء والفرقة فإنها نقطة حساسة يجب أن ينتبه لها المعلم لنجاح مهمته التعليمية وزرع المحبة وعدم الفرقة بين الطلاب. فمعلمي المدارس المنتشرين في جميع أنحاء الوطن العزيز الغالي والذين يعلمون الطلاب المواقف الصحيحة نحو إخوتهم الطلاب في كل مكان ومن أي لون وطبقة وطائفة.

مواجهة مشاكل الحياة:

لم يهمل المعلم أو المعلمة الناجحة أثناء تعليمهم مشاكل الطلاب الداخلية بل يسعى لحلها ويجعل تلاميذه سعداء كاملي الشخصية. فمساعدة الطلاب على مواجهة مشاكل معينة تعرض لهم إذ كانت أسرية، أخلاقية، أو دينية فحلها يعطي الثقة للطالب أو الطالبة بأن يستمر في حياة التعليم لكي يكونوا طلابا كاملين متأهبين لعمل كل شيء صالح. إذ كانت مدارسنا اليوم بحاجة إلى التشديد فذاك هو التشديد على التعليم الذي يدور حول مشاكل الطلاب العلمية لا حول مواد الدرس فليكن شعار كل معلم ( التعليم الموجه للحياة العملية). فإن المعلم الذي رفض السماح لأحد تلاميذه بإلقاء سؤال بحجة أن الوقت قصير وعليه بإكمال الدرس قد أخطأ وضل عن هدف الدرس الرئيسي إذ يجب عند الضرورة أن يترك الدرس جانبا ليعالج حاجة تلامذة الصف. ونحن كمعلمين إذ كنا لا نستفيد من هذا الدرس يكفينا أن نتذكر إنه علم لكي يسد حاجات الطلاب.

بناء شخصية الطالب أو الطالبة:

لم تقف أهداف المعلم أو المعلمة عند معالجة مشاكل معينة بل يجب أن يبني الصفات التي تمكنهم من التغلب على ضعفهم، ولكي تساعدهم على بناء الشخصية القوية ومساعدتهم الانتصار على ميولهم التي تعصف بهم في مراحل حياتهم اليومية وان نسعى أيضا لبناء الفضائل الإيجابية كالاستقامة والتواضع والطهارة والحنان والحب والتضحية والفضائل التي تؤهل لنبل الأخلاق والثبات في التصرف المستقيم والفرح في الحياة. ويجب أيضا الطلب من تلاميذه أن يتكلموا الصدق بدون تثبيت القسم كما لو حلفوا، وان يحبوا أصدقائهم كما يحبون نفسهم.

كان هدف المعلم أو المعلمة الناجحة تدريب طلابهم تدريبا جيدا. ونحن كمعلمين يجب أن ندرك أن تدريب الآخرين هو واحد من واجباتنا، فمن صفوفنا الحالية يجب أن يخرج معلمو مدارس وقواد ومهندسون وأطباء وعلماء وعمال .......الخ. فبالاختصار نشد المعلم\ المعلمة( رجلا كاملا في مجتمع كامل) لا ننسى أن الكمال لله وحده. وتحقيق أهدافه تعني النجاح.

مــبــادئ الــتــعــلــيــم 

لا يظهر لأول وهلة إن التعليم مبنيا على مبدأ معين بل إنه تأسيس على مبادئ راسخة. فمبادئ تعليم المعلم أو المعلمة تبرز إلى العيان كلما تفحصنا أسلوبه.

المعلم الناجح له بعد نظر:

واضح أن المعلم الناجح له بعد نظر فيستطيع أن يرى الإمكانيات الخفية في طلابه. فيرى المتسرع منهم والمتطرف والمتقلقل طبعا قويا شجاعا، ويرى الغضوب والحنون والمحب والمتعجرف والكريم كما ويرى الرسام والنحات،إذا يستطيع أن يرى في كل طالب صورته الشخصية التي يمكن أن تتكون فيه.وينتظر المعلم تطور الأخلاق أيضا ببعد النظر عالما أن تكييف المثل وتشكيل وجهات النظر وتكوين العادات تتطلب الوقت الطويل. أستطيع أن أقول: لا تولد العادات مع الشخص في يوم ميلاده ولا تخلق الأخلاق الجيدة في رأس كل سنة حينما يصمم على تحسين نفسه وأخلاقه. مع أن الرؤية تلوح له، وحلم التحسين قد يستيقظ. فإن امتحان الأخلاق الجيدة هما بين الأمور اليومية العادية. فنشبه الطالب أو الطالبة هنا مثل البذار الملقى على الأرض الذي ينموا ويصير نباتا ثم سنبلا ثم قمحا ملآن في السنبل. ما أجمله من تشبيه فهذه هي مراحل نمو الطالب في الدراسة. وبواسطة عملية التعليم والتدريب المطول يستطيع الطالب أن ينمو. وإن بعد النظر في إمكانيات طلابنا وفي ما يتطلبه بنيان أخلاقهم يحفظنا من التشاؤم واليأس. نستطيع أن نقول إن مجرى تقدم المجتمع هو معركة بين معلمي المدارس وسندرك أن المعلم فعلا هو حافظ أبواب الغد.

مقياس نجاح المعلم على عدد الطلاب:

إن نجاح المعلم أو المعلمة بالنسبة لعدد الطلاب الذي يعلمهم هو التشديد على المجموعة لا على الفرد فمن المؤسف الاعتماد على عدد منهم فقط لأنه يسبب الفرقة والعداء بينهم. يجب على المعلم اليوم أن يكون المرشد والمستشار لطلابه في حل مشاكلهم. ولذا يجب أن يكون عدد طلاب صفه مناسبا يسهل له معرفة كل فرد وحاجاته فيعلم بموجب هذه المعرفة. هناك معلما حفظ سجلا فيه معلومات دقيقة عن كل طالب وجمعها من والديه وأصدقائه ومعلميه في المدرسة وكان يعد كل درس على ضوء هذه المعلومات.

المعلم \ المعلمة الناجحة يبتدئ بالتعليم عند مستوى فهم الطالب:

المعلم الناجح يبتدئ بالأمور التي تخص بطلابه وحاجاتهم. ثم يسعى لاقتيادهم إلى ما أرادهم أن يكونوه. وهذا الأسلوب يوافق ( قانون القابلية) في التعليم الذي يقول إن الطالب يقبل نوعا معينا من العمل إذا كان سارا له وينزعج إذا منع منه. وبهذه الطريقة نستطيع أن نجذب انتباه الطلاب إلى التعليم وإثارة رغبتهم في الاستماع. والابتداء في التعليم عند مستوى فهم الطلاب يقضي باستعمال الكلمات والعبارات التي يفهمونها. وتقديم الدرس بعبارات وأفكار معروفة سابقا هو الأسلوب المرعي عادة في التعليم.فبما أننا نتعلم الجديد من القديم يكون استعمال اللغة والأفكار معروفة عند الطلاب. إذا من المهم أن يبتدئ المعلم \ المعلمة باختبارات ومشاكل مألوفة لدى طلابه وأن يتأكد من فهمهم لكلماته وتوضيحاته.

اكتشاف الخصال النبيلة في الطالب:

لبعض الطلاب في معاملاتهم للآخرين أساليب منفّرة تستفز الطلاب الذين يعاملونهم وتجرهم إلى الإجابة السلبية والدفاع عن أنفسهم ومعارضة كل اقتراح وقد تنتهي إلى عداوة صريحة بالرغم من أن هؤلاء قد يكونون من سليمي النية وطلاب حق واصلاح إنما تنقصهم الحكمة والتمييز ومرونة الأسلوب، أو عند عدم الحكمة واللطف. فتكون النتيجة بعكس المطلوب. يجب على المعلم \ المعلمة الناجحة اكتشاف أنبل الصفات الكامنة في شخصية الطالب \ الطالبة ويجذبها إلى الظهور. وقد يتواصل المعلم \ المعلمة إلى ذلك باكتشاف إمكانياتهم المستقبلية وتقويتها واستغلالها وباهتمامه الشخصي بهم وبتشجيعه على التقدم والنمو. ( أعتقد بأن الوسيلة لخلق الأمانة في الطالب هي إظهار الثقة به. ومن أهم أعمالنا كمعلمين أن نجد الصفات الجيدة الكامنة في طلابنا وندفعها إلى الظهور. وعلينا أيضا أن نضع ثقتنا وتفاؤلنا وتشجيعنا مقابل الشك والفشل والانهزام في حياة طلابنا وهكذا نكتشف عن صفاتهم النبيلة. ولا نستطيع ذلك إذا لم نميز الإمكانيات الكامنة فيهم.

اجعل طلابك يعملون بأنفسهم:

إن إحدى قواعد التعليم المشهورة هي عمل الطالب \ الطالبة بنفسه، ( أثّر في الطالب الرغبة في الاشتراك بالأعمال مرشدا إياه في ذلك ولا تخبره بشيء، بإمكانه أن يتعلمه بنفسه). فالمعلم \ المعلمة يبني هذه القاعدة على أساس الحقيقة النفسية وهي إن العلم لا يرسخ في النفس إذا لم يرافقه مجهود فكري شخصي. وكذلك يتوقف نمو الطالب \ الطالبة لا على ما تخبره به بل على ما يفكر به نتيجة لكلمتك، لا على ما تعمله لأجله بل على ما يعمله لنفسه، لا على انطباعه بل على إجابته عليه. لأنك لا تقدر أن تدخل الأفكار إلى عقل الطالب \ الطالبة وما كلماتك إلا رموزا لأفكارك أنت وعلى الطالب \ الطالبة أن يفسر تلك الرموز ويبني منها أفكاره هو. ولذا ينجح التعليم بمقدار ما يكون سببا لعمل الطالب \ الطالبة لنفسه. ليس على الطالب \ الطالبة يجلس بدون حركة بينما يشرح المعلم  بل عليه أن يحرّك عقله فإنه يحتاج إلى حركة ثلاثية- عقلية وعاطفية وإرادية. يجب أيضا أن يتبعها البحث ولأننا جميعا نتعلم بواسطة العمل.                                                                

اسـتـعـمـال الـمـعـلـم \ الـمـعـلـمـة لـمـواده    

من أكثر المراحل في درسنا لذة وإنارة هي كيفية استعمال المواد في التعليم. لأن المواد التي يستعملها المعلم \ المعلمة من مصادر وأنواع عديدة لغايات مختلفة، ولم يتقيد بمادة واحدة أو نوع واحد لنجاح تعليمه. 

مصادر مواده:

الكتاب: لا يخفي أن المعلم / المعلمة الناجحة تستعمل الكتاب مباشرة لأنه فيه أفكار مشبعة بروح التعليم الذي يعبر عنها بلغة الكتاب والتي هي مساندة جدا للمعلم وأيضا مساندة لأقواله إذ كان قد استوعبها أعطى جوهرها. فيجب على المعلم / المعلمة أن يكون مطلعا على كتب أخرى. ويحسن بمعلمي أيامنا أن يستفيدوا منها فيعودوا أنفسهم أولا على تاريخ الكتب وتعليمه وكلماته ويستعملوا هذه المواد باستمرار.فاستعماله يتطلب الدرس الدقيق والتمعن وإتقان معرفة الكتاب كله الأجزاء التي تدرس فقط إذ أن الدرس والتعليم قطعة قطعة منفردة هما من أعظم ضعفاتنا.

استمداد التعليم من الطبيعة

 يظهر من تعليم المعلم / المعلمة إذ كانوا ثاقبي النظر في قوات الطبيعة لأن من الطبيعة يستفيد المعلم كثيرا منها في خدمته لطلابه. ولكي يستفيد الطالب من الأشياء المنظورة من خلال الطبيعة ويستطيع أن يميز بين سائر الأشياء التي يراها، فإذ لم نعلمه إياها ونعرفه عليها نظريا فما الاستفادة من تعليمه؟ مثلا: كالشمس والقمر والنجوم، الحيوانات بمختلف أنواعها، النباتات فإذا انطبعت كل هذه في دماغه وأصبحت جزء منه فكانت تحت إمرته حين علم. فاستعمال هذه المصادر تجعل تعليمه لذيذا وحيويا. ويزداد تعليم أي معلم فاعلية إذا استعمل إيضاحات مستمدة من الطبيعة، معروفة لدى الطلاب ومنتخبة بحكمة لأنه لا بد للطالب / الطالبة أن يدرسوا هذه الأشياء بحكمة. نحن ولا سيما في تعليم الطلاب من الذين يعيشون قريبين من الطبيعة. لأن الإيضاحات من الطبيعة والحياة اليومية تجذب انتباه الطلاب وهي سهلة التذكر وتؤثر تأثيرا يبقى في أذهانهم.

1-              الحوادث التي نمر بها:

 من خلال الحوادث التي تمر بنا لا بد لنا من أن نستمد تعليمنا من تاريخ هذه الحوادث ولا نفوت فرصة بل نغتنم كل مناسبة ونستخدمها كعبرة. لقد وجد في الحوادث العادية في الحياة اليومية ما يعلّم عن أعمق الحقائق أكثرها تشجيعا لقلب الطالب، بل يحولها إلى الإفادة في تعليمه. فاستخدام الحوادث من خارج دائرة الحياة هي التي تظهر المعرفة عن كل ما يجري حوله. فلهذا يجعل تعليمه لذيذا وفعالا ومتأصلا في صميم الحياة.فنرى في هذه كلها إن منهاج التعليم لا ينحصر في كتاب الدرس والفروض فقط بل يجب أن يشتمل أيضا على  مواد أخرى فان المعلم الحاذق في الاختراع يستمد من مصادر عديدة ما يخصب تعليمه. وكلما اتسع إطلاعه على الحوادث العصرية كلما استطاع أن يجعل الحقائق التي يعلمها جذابة وواضحة ومقنعة.

القوالب التي يقدم مواده فيها:

إن درس القوالب التي سكب فيها المعلم / المعلمة مواد تعليمه لدرس لذيذ ومفيد فإنها جعلت ما  قاله مؤثرا وزادت أفكاره طيبة وتأثيرا. وما يدهش الطالب / الطالبة هو تنوع وجمال القالب التي يستخدمها المعلم. فيجب أن يقدمها مباشرة وبصراحة فيجعل الحق واضحا ومتينا.

العبارات الحسية:

 يجب على المعلم/المعلمة أن يشدد على المبادىء لكي يعلم بواسطة الأمور الظاهرية الملموسة وأن يعالج المواضيع بأسلوب وصفي مما يجعل تعليمه مؤثرا. فالمعلم الناجح يتقدم من المعلوم إلى المجهول ومن الحسي إلى المعنوي ومن الأمور المادية إلى الفكرية وان يستنتج  الأمور الخاصة من العامة. وهكذا يبتدىء عند درجة مفهومية الطالب ويقوده إلى الفهم الأوسع ومعرفة الجديد وهذا الأسلوب مستحسن في كل تعليم يراد منه تقدم الطلاب جميعهم. ويقتفي أحسن المعلمين في استعمال الأمور الحسية لتجعل الحق واضحا ومؤثرا إن لم يكن لتقدم الدرس بهذا الأسلوب. لأن الأمور الحسية تجذب الانتباه وتحفظه وهي سهلة التذكر. فيحسن بنا أن نقضي وقتا في إيجاد إيضاحات مناسبة لتعليمنا.

العبارات المأثورة:

 فهي تجذب انتباه السامعين وتشمل على الحقيقة وتبقى في الذاكرة فهي ( خلاصات الاختبارات الخالدة الحكمة العملية). وأقوال كهذه تصيب الهدف ( بتنشيط انتباه الغافل وتهييج خيال الركيك).وان كنا عاجزين على الإتيان بمثلها فإنه بإمكاننا أن نجمعها من الآخرين.

الكلام المجازي:

 هي عبارات حسية وأقوال مأثورة يستعملها المعلم في تعليمه من حيث الأمثال والتعابير المجازية فيزيد الحق وضوحا وتأثيرا على الطالب بحد ذاته ويضيف شيئا له روعته على المعنى المقصود منه. فلكي لا يساء فهمها فان قيمة استعمالها توازي خطر سوء الفهم وقد لا يستطيع المعلم العادي استعمال هذا النوع من الكلام لكن متى استطاع ذلك يزيد تعليمه قيمة لأن الكلمة المجازية ( تفاح من ذهب في مصوغ من فضة). فإن إتقان الكلام المجازي على أنواعه واستعماله يكونان مساعدا قيما للمعلم.

غايته من تقديم المواد:

 هنا اسأل: كيف استعمل المعلم/المعلمة المواد المتنوعة التي قد بحثنا فيها؟ هل كانت هي بذاتها محتويات تعليمه أم كانت أدوات فقط؟ إن هذا السؤال حيوي اليوم في الدوائر التلقينية فالمواد المنظمة التي كان عليه أن ينقلها إلى الطلاب بترتيب معين، فعليه أن يساعدهم في مواجهة ظروفهم وأحوالهم الواقعية.

البداية:

 يجب على المعلم/المعلمة أن يبتدىء من الكتاب ثم يشرحه ثم يتوسع في تفسيرها وتتميمها وإعطاء المعنى الداخلي العميق للدرس. ويحسن بنا احترام طلابنا وأن نبدأ تعليمنا بأقوال تجذب انتباههم ونرغبهم في الدرس ومن ثم ننتقل إلى تطبيقها. ولتوضيح كل هذه أقول: إن المعلم الحاذق يستخدم مواده كوسيلة للتعليم وليس كغاية. وإن التقيد بحاجات الطلاب خير من التقيد بالدرس المطبوع. لأن الطالب أهم من المواد في التعليم. لذلك علينا أن نستخدم البداية التي توافق الدرس والظروف.

التوضيح:

 الإيضاح هو الإنارة فلكي يجعل المعلم/ المعلمة تعليمه بارزا وجليا ولكي يفهم طلابه الحقائق يجب أن يكشف عن الحقائق الغامضة في تعليمه وأن يوضحها لهم من خلال شرحه هذه المواد، وكي يوضح الحقيقة وهي إن (الإنسان أهم من المؤسسات والقوانين). فان الإيضاح المناسب يساعد كثيرا في التعليم وله قيمة عظيمة في جميع الثقافات. لأن الطالب يتذكر القصة الجيدة عادة أكثر جدا مما يتذكر تصريحا عن الحقيقة. لأن الإيضاح المناسب يوصل الرسالة إلى قلب الطالب. وإذا كان الإيضاح من الكتاب كان أقوى وأكثر تأثيرا لمعرفة الطلاب به واحترامهم له. فليس هناك مصدر للإيضاح أغنى من الكتاب. فيجدر بكل معلم أن يستوعب منها كثيرا من الإيضاحات.

التقوية:

 نستمد التقوية من الكتاب لأن المعلم / المعلمة ليقدم به درسا ويستعمله كمرجع أكثر منه مادة درس ونعيد القول بأن الكتاب هو خير مصدر للأقوال التي تقوي الدرس وتشدد عليه. فلا شيء يقوي تعليمنا أكثر المرجع الكتاب.

مـــســـاعـــدات لـــلـــتـــعـــلـــيـــم

المقدمة:

 واضح أن كل عمل تعليمي ينبغي أن يبتدىء بتمهيد ما وقد تكون البداية أهم خطوة في خطوات تقديم الدرس لأن النجاح قد يتوقف على الجملة الأولى أو المقطع الأول فإن لم تجذب البداية الانتباه وتثير الرغبة في الطلاب فلا شيء يفعل ذلك. إذا يجب علينا بالتأمل الجدي في مقدمة الدرس. ويقضي بعض المعلمين وقتا في تحضير المقدمة أكثر مما يقضونه في أي جزء آخر من الدرس.

إن مقدمة الدرس أو بدايته هي التمهيد الذي يجذب الانتباه ويوجه نحو موضوع الدرس. ولا يعطي التعليم الفائدة المطلوبة قبل أن يحصل المعلم على انتباه الطلاب. فلا فائدة من شرح الدرس إن لم يلفت المعلم أنظار الطلاب أولا ثمّ يقدم لهم الحقيقة المرجوة من الدرس. وجذب انتباه الطلاب هم القصد الرئيسي في المقدمة.  ويتطلب جذب انتباه الطالب الاتصال بعقله وأفكاره. فإن المعلم المبتدىء ينظر أولا إلى الدرس أما المعلم المجرب فينظر أولا إلى الطالب، أو بعبارة أخرى يبحث المعلم عما يدور في فكر الطالب ويبتدىء من هناك بتقديم درسه. فهنا أقول: (إن العقل قلعة لا يستولي عليها القوي ولا الماكر إنما هناك باب يسهل الدخول منه وهو اختبار عملي في الحياة). 

إن خير نقطة للاتصال بفكر الطالب أو الطالبة هو الشيء الذي يهتم به الطالب أو الشيء الملذ في الدرس ذاته يوجه إليه الفكر. لأن حب الاستطلاع يدفع الطالب أو الطالبة على الانتباه على الدرس. وإذا كان للمعلم لذّة بالموضوع فإن لذّته هو تؤثر على الطالب وتثير فيه الرغبة في تعلم المزيد عنه. فهنا أقول: ( نفشل إن لم نرغب الطالب أو الطالبة في الدرس نفسه فحاجتنا ليست إلى جعل الدرس ملذا بإضافة القصص إليه أو بحيلة مكن الحيل بل حاجتنا إلى تبيان اللذة الجوهرية الموجودة فيه بجلاء). فبإمكاننا أن نبدأ بمشكلة عملية أو بأمر يهم الطالب ومن ثمّ ننتقل إلى ما يضيء عليه في الدرس.

ويقضي هذا كله اقترابنا من رغبات الطالب أو الطالبة وحاجاتهم لأنه من المستحيل أن نقف بعيدا ونرمي بالمعرفة إلى الطالب. وتنمو رغبات الطالب أو الطالبة من الغرائز البديهية ومنها الرغبة في القوّة والسلطة وإلى المشاركة الاجتماعية واعتراف المجتمع به. فمن هذه الغرائز تتكون الحياة وهي محور الحياة. فبإمكان المعلم أن يجذب الانتباه إلى الدرس إذا عالج الأمور الأساسية في حياة طلابه. فيجب أن يعرف هواياتهم واختباراتهم المدرسية ومشاكلهم. ويجب أن يعرف شيئا عن بيوتهم وعن المشاكل التي يواجهونها في حياتهم الاجتماعية، وأن يعرف طلابه معرفة شخصية لكي يستطيع أن يبدأ بما يهمهم فيتبعونه راغبين أو على الأقل يكون قد اتصل بالطلاب في بداية الدرس.

وهنا أقول أيضا يجب أن يكون المعلم حاذقا في الاتصال بعقل سامعيه إذا كانت الظروف مناسبة للتعليم قد تعرقل تقريبا عمله، وهكذا لا يكون مستعد لسماع أي درس. فكل هذه العراقيل تضعف الأمل في التعليم فالمعلم أو المعلمة الناجح يستطيع أن يتخطى هذه الحواجز كلها إذا تجنب ما يحجز بينه وبين طلابه. وهكذا في كل الأساليب يبتديء بنقطة اتصال لكي يثير الرغبة والانتباه في سامعيه. وللتوصل إلى ذلك يجب أن لا تفوتنا المهمة الأولى أي المقدمة التي تجذب الانتباه وتثير الرغبة في الدرس. فبعد أن يوجه المعلم أو المعلمة طلابه إلى الدرس يبقى أمامه مهمة عظيمة جدا وهي تركيز الانتباه ومواصلة اللذة وتقديم الحقيقة، وأن يشرحها بصورة مؤثرة تتغلغل في أعماق الطلاب وتقودهم إلى إدراك مبادئها وتطبيقها.

فالعناصر الضرورية تكتمل في فهم قوانين التعليم الرئيسية وهي:

قوانين القابلية والتمرين والتأثير.

فقانون القابلية يقضي علينا استعمال المواد المناسبة للطالب المستعد لاختبار معين يسر به.

أما الثاني فهو الإعداد والتكرار أي التمرين لكي يصبح جزء منا.

ويقول الثالث بأننا نميل إلى إعادة عمل ما إذ كان تأثيره مسرا لنا وإننا نميل على تجنبه إذا كان مزعجا.

إذا يجب أن يسد تعليمنا حاجات واقعية. وعلى المعلم أو المعلمة أن يعد الدرس بموجب هذه القوانين. وعليه أيضا أن يتذكر التمييز بين التعليم الذي ينقل أفكار المعلم إلى التلميذ دون دفعه إلى التفكير، والتعليم الذي يحث التلميذ على اكتشاف الحقائق لنفسه، فهذه الطريقة تخلق القوّاد للمستقبل.

فقبل تقديم درس ما يجب فهم معنى المقطع المعين من الكتاب أي التمعن في ظروف الدرس والحقائق التي يحتاجها طلاب الصف. إن رسم الخطة للدرس يجعله واضحا ومؤثرا ويحدد الأهداف وطبعا يجب أن يتناسب هدف كل درس مع أهداف السلسلة كلها. ثمّ يجب على المعلم أن يقدم الدرس بطريقة جذابة تجعل الطلاب يتبعون أفكاره وتجعل الحقيقة حيّة ومؤثرة. هذا عمل شاق لكنه ضروري وهو يقتضي من المعلم فهم مواده جيدا واهتمامه القلبي بطلابه وبالحقيقة وتطبيقها. فإن التعليم مع عدم الاكتراث لنتيجته لا يؤثر على الطالب أبدا فكأن المعلم لم يعلّم.

إن مساعدة الطلاب على جمع المعلومات تخلق فيهم قوّة تضبط تصرفاتهم فيتطلب والحالة هذه اليقظة وإدراك أفكار الطلاب وموقفهم وإعداد كل درس بموجبها. ويتطلب أيضا استعمال المساعدات والإيضاحات والأسئلة والمباحثة كثيرا. ويلازم المعلم أو المعلمة الناجح أن يوجه الأفكار إلى الدرس بحيث يتبع البحث والأسئلة والحقيقة الرئيسية. فإن المعلم يلازم هذه الحقيقة ويراعي أفكار طلابه عنها. فعليه أن يلاحظ الوقت لكي لا يترك شيئا أساسيا ويعطي لكل جزء وقتا كافيا ولا يسرع في الختام. فمهمته إرشاد عملية التعليم لا نقل المعلومات الملذة فقط. وهنا نصل إلى لب الموضوع لكي نحصل على انتباه ورغبات طلابنا في الفهم وفي متابعة الحديث حتى نجعل الحقيقة واضحة ومقنعة.

والطور الأخير في تنسيق الدرس هو الاستنتاج والتطبيق. ويستصعب بعض المعلمين هذه الخطوة أكثر من أي خطوة أخرى. وكثيرا ما يهمل إعداد الختام رجاء أن ينتهي الدرس بسلام! لكن الخاتمة أهم من أن تهمل إذ يرجح أن النقطة الأخيرة هي التي تؤثر في النفس وتبقى في الذاكرة مدة طويلة.

واضح القول أن العمل التعليمي لا يتم بتقديم المعلومات التي يشتمل عليها المقطع المعين من الكتاب لأن التوقف عند هذا الحد قد يترك عقل الطالب أو الطالبة يتجول في بلاد بعيدة وفي عصر غير عصره. لذلك يجب شرح معنى الحقيقة حسب العصر الحاضر وتطبيقها على مشاكل أبناء الصف إذ أمكن ذلك. ويجب التشديد على مجموعة من الحقائق قد تصلح خلاصة الدرس نفسه كخاتمة له. فإن نوع الدرس وحاجات الطلاب تحدد وتصف الخاتمة والاستنتاج ويقتضي الأسلوب المستعمل شكل الخاتمة.

ومن المهم جدا استنتاج المبدأ الأساسي من بين الحقائق والمبادىء المذكورة في الدرس وألا يرى الطالب أو الطالبة مجموعة من المعلومات والحقائق الغير منظمة وغير مترابطة الأجزاء فلا يفهم أساس الدرس ولا يستطيع أن يطبقه على حياته في عصرنا هذا. فتطبيق الحقيقة يتطلب معرفة المحيط والبيئة والظروف على حياة المجتمع وعلى حياة الطلاب الشخصية. فإن أغفل المعلم ذلك كان فشله كبيرا في ربط الدرس بالحياة وبيان علاقته بها. وينبغي أن يكون للدرس تأثير عملي معيّن.

تنتج الإيضاحات المناسبة تأثيرا فعالا في ختام الدرس إذ تحيي الحق وتؤصل انطباعه في النفس. وحقا لا شيء يثير رغبة الطالب أو الطالبة كبيان الحق في الحياة. إذا تكون الفائدة من الدرس أعظم عادة إذا ختم بإيضاح يجلي الحق ويحث على العمل بموجبه. ولكن إذا انتهى المعلم أو المعلمة الدرس كان قد بلغ قمّة تعليمه لها فانتهى الدرس بنتيجة مرضية.

ففي ختام هذا يجب أن نذكر باختصار امتحان نتائج التعليم، فهناك عدة أنواع من الامتحانات منها الأسئلة والأجوبة ومنها إعطاء بعض أجوبة على سؤال واحد وتكليف التلميذ الجواب الأنسب منها. ومنها إيراد معلومات يفرض على التلميذ أن يجيب عنها بكلمة (صح) أو (خطأ) ومنها ملء الفراغ. ولمعرفة تلك النتائج يجب بهذا السؤال أن نعرف مقدار فهمهم وتقدمهم. فعلينا نحن أيضا أن نمتحن نتائج تعليمنا لكي نتأكد من نجاحه.

ففي الختام أتمنى من كل قلبي أن أكون قد قدمت عملا مهما إلى أحبائي المعلمين الأفاضل لكي يكونوا الشعلة المضيئة والمنيرة لدرب أبنائنا الأحباء الطلاب والطالبات الأعزاء الذين يوما سيصبحون أعمدة مهمين وقادة سياسيين لإدارة شؤون وطننا الحبيب الغالي فلسطين زهرة المدائن.

أساليب أخرى يستعملها المعلم / المعلمة

المعلم / المعلمة الناجح لا يعتمد على أسلوب واحد في التعليم فيجب عليه التوزيع في أساليبه ويستعمل ما هو مناسب ومشوق للطالب / للطالبة لجذب انتباههم. فاختيار أسلوب معين لتعليم درس معين هو عمر الطالب / الطالبة ونوع الدرس وميل المعلم. ويرجع أن المعلم/ المعلمة الناجح يستعمل جميع الأساليب وينتقل من أسلوب إلى غيره.

فهناك أسلوب المحاضرة:

 الذي يعتمد على حديث المعلم وحده أو يتخلله إجابات قليلة من الطلاب. ويفرض أن تكون المحاضرة تقديما شاملا منظما للحقيقة، وقد يستعمل معها اللوح أو غيره من المساعدات. فهذه الطريقة تسمى " الأسلوب الأدبي في الصف" وسماها آخر الخطابة التعليمية. 

قوة المحاضرة وضعفها

 فلهذا الأسلوب أيضا قوة وضعف وعلينا أن نقدره بحسب استحقاقه. وتظهر قيمة هذا الأسلوب وأفضليته إذ كان عدد طلاب الصف كبيرا لدرجة أنه لا يمكن للمعلم/ للمعلمة أن يشرك إلا بضعة طلاب من الصف في البحث. ويرجح أن يكون تأثير التعليم في الصفوف الكبيرة أقل فاعلية منه في الصفوف الصغيرة ولذلك يستحسن ألا تكون الصفوف كبيرة ومكتظة بالطلاب فإن المعلم / المعلمة عندئذ لا يستطيع إلا أن يقدم الدرس بواسطة المحاضرة. وكذلك يستفيد الطلاب / الطالبات بواسطة المحاضرة من علم المعلم وسعة إطلاعه واختباره الثمين. وبإمكان المعلم بواسطة المحاضرة أن يقدم الدرس بصورة اشمل مما يمكنه من استعمال الأسئلة والأجوبة ولا تكون له إلا فرص قليلة ليحيد عن الموضوع الرئيسي أثناء المحاضرة التي تمكنه أيضا من الوصول إلى القمة في الدرس بختام حاسم.

ومن جهة أخرى نجد لهذا الأسلوب مصادر ضعف عديدة أعظمها أن يحمل الطلاب على الكسل فلا يقرأ أكثرهم الدرس أبدا لا سيما إذا تأكدوا من أن المعلم / المعلمة سوف لا يسألهم عن الدرس. وضعف آخر في الأسلوب يبدو في عدم تمكن المعلم/ المعلمة من معرفة نتيجة تعليمه أفهم الطلاب الدرس أم لا، وفي عدم استطاعته أن يصلح أغلاطه. هنا أقول: معلم ما استنتج من ثلاث أجوبة على سؤال واحد في الامتحان أن طلابه لم يفهموا تعليمه ولكنه لم يستطع أن يلحظ ذلك حينما كان يلقي عليهم المحاضرة. فهنا أقول: إن الطالب لا يتعلم بدون العمل الفكري. ولا يشتركون في البحث بينما يلقي المعلم محاضرته عليهم. إذا نستنتج أنه لأسلوب المحاضرة قوة وضعف.فقوة المحاضرة تأتي من استماع الطلاب إلى المعلم / المعلمة بكل انتباه لكي يتعلموا وتزداد معرفتهم وتأثيرهم وتغيير حياتهم. فتأثير المحاضر ثلاثي على الفكر والعواطف والإرادة. فأهمية المحاضرة تساوي أهمية القصة.

هناك أسلوب آخر السؤال:

 إن أسلوب الأسئلة والأجوبة هو من أقدم أساليب التعليم وأكثرها استعمالا. فغايات هذا الأسلوب ليسبر غور معرفة الطالب / الطالبة وقد تكون الأسئلة فيه اعتباطية أو سلسلة منظمة لكي تبين حقائق الدرس. وتستعمل الأسئلة لعدة غايات.

 أولا: لأنها تجذب الانتباه وتضبطه.

 ثانيا: تثير الأسئلة التفكير إذا كانت ملقاة بطريقة جيدة.

 ولا يستغني التعليم عن التفكير إذ لا يتعلم أحد بدونه لأن قبول الحقائق بدون التفكير لا ينمي عقل الطالب ومعارفه. والذي يجيب على السؤال يثير أفكاره ويعبر عنها أيضا. ثمّ أن المعلم يعرف بواسطة الأسئلة أيفهم الطالب ويتذكر الدرس أم لا وهكذا يمتحن تأثير تعليمه ويزيد فاعلية خدمته.ولا تحصل هذه النتائج إن لم تتصف الأسئلة بالصفات التالية: 

 أولا: يجب أن تكون الأسئلة واضحة أي بسيطة ومختصرة ومحددة يفهمها الطالب.

 ثانيا: يجب أن يبعث السؤال على التفكير، ويجب أن يلقي المعلم / المعلمة السؤال بطريقة توقظ انتباه الطلاب كلهم ويستحسن عادة أن يسأل السؤال قبل أن يذكر اسم أحد، وأن لا يعيد السؤال إن لم يسمعه الطالب / الطالبة، ويسأل أكثر من سؤال واحد في فترة الدرس. ويجب أن  يسأل عما يهتم به جميع طلاب الصف. وهنا نتوصل إلى أن استخدام الأسئلة لتوضيح التعليم وتطبيقه. ويجب أن تكون الأسئلة دائما عملية لا نظرية.

هنا أسلوب آخر المباحثة:

 من أكثر الأساليب ذكرا اليوم، ولا سيما في تعليم البالغين، ويعتقد إن هذا الأسلوب يناسب خاصة الشباب وطلاب الكليات. 

يكوّن هذا الأسلوب رد فعل عن الأسلوب الرسمي كالقصة أو المحاضرة الذي فيه يتكلم المعلم طبيعة المباحثة وقيمتها: وحده، وعن أسلوب التسميع الذي فيه يعيد الطالب / الطالبة عن ظهر قلبه مواد الدرس. ففي هذه الأساليب قد لا يفهم الطالب الحقيقة المقدمة له. وقد عرّف أسلوب المباحثة عن التكلم العرضي بدون نظام وقصد لأن الصف يتقدم تدريجيا في البحث. ويختلف أيضا عن المجادلة لفهم المقصود لا لنقصها. فالمباحثة إذن بحث عن الحقيقة يشترك فيها المعلم والطلاب معا.

ولحل موضوع البحث تقتضي بعض المطالب:

أولا: يجب أن يكون الطلاب على مستوى واحد في التعليم تقريبا وان يكونوا ممن يهتمون بالأمور ذاتها وينبغي أن يكون بينهم إجماع على ما يهتمون به. ويتطلب أيضا عقلا مفتوحا لقبول الحق أيا كان مصدره ولتقديره ولاتخاذ ما هو جيد فيه. ومن الطبيعي انه يجب أن تكون هناك معلومات يستمد الطالب / الطالبة منها لكي يصلوا إلى نتيجة بحثهم.

وفي أسلوب المباحثة يثير المعلم أفكار الطلاب ويرشدهم أكثر مما يعلمهم، لأنه يكون المحرك الغير منظور. ولا يقدم آراءه هو أو آراء كاتب ما بل يقود الصف إلى تكوين آراءهم. فمهمته هي مساعدة الصف على الاختيار من مواد الدرس لمشكلة يهتم بها الكل اهتماما حيويا ثمّ مساعدته على إيجاد مصادر المعلومات عن ذلك الموضوع. ولا يخفي إن هذه المهمة تتطلب كثيرا من المهارة والتدريب.

ويظهر أن لهذا الأسلوب قيمة عظيمة. فإنه يجبر الطلاب على العمل والتفكير أكثر من أي أسلوب آخر فيعملون في سبيل اختيار الموضوع وإيجاد المعلومات وتقديرها مما يزيد التعليم كثيرا. ويشتمل الأسلوب على إنماء قوة الابتكار في الطالب / الطالبة فيساعد عملية التعليم وبناء الأخلاق أيضا. وهذا ما يميز التعليم الذي ينقل أفكار المعلم إلى الطالب عن اكتشاف الحقائق بنفسه. ويستخدم هذا الأسلوب أيضا الدافع الاجتماعي إذ يشعر كل واحد بأنه له جزءا في البرنامج واشتراكا فيه لأنه عملية مشتركة. وكذلك تحفظ المباحثة اهتمام الطالب / الطالبة وتجعله يواظب على السعي في التعليم بصورة ممتازة. ويقوم الطالب / الطالبة بالبحث عن الحقيقة وتقدير المعلومات فتنمو فيه قوة التفكير والتقدير.

ولهذا الأسلوب مصادر ضعف أيضا إذ لا يناسب جميع الأعمار ولا كل الحالات ولا كل أنواع الدروس ولا جميع المعلمين. لكنه ليس بعيدا عن أفضل أسلوب التعليم ويرجح انه الأفضل لتعليم البالغين. 

بعض أساليب المعلم/ المعلمة في التعليم

هل درس المعلم / المعلمة أساليب التعليم واستعملها عن قصد؟

لا شك في ذلك في أن كل معلم / معلمة أتقن أساليب التعليم وكيفما اكتسبها فإنه يكون فريد في تعليمه ولا مثيل له في استعمال الأساليب وكيفية إعطاءه لطلابه. فهناك الأشياء المنظورة فمبدأ هذا الأسلوب لكي يجعل الحقيقة واضحة وملموسة لدى طلابه. فالأشياء المنظورة التي ترمز إلى الحقيقة أو تلمح إليها. ومن جملة هذه الأشياء النماذج والصور والرسوم والخرائط وأمثالها التي تساعد كثيرا في إحياء الدرس وتوضيحه. فتنتج  قيمة الدرس المنظور عن جذب النظر وعن توضيحه الدرس. لأن تقديم الحقيقة للعين هو أفعل جدا من تقديمها للأذن. ونحن نتذكر ما نراه أكثر مما نتذكر ما نسمعه بدون استثناء. وللتأكيد: هناك معلّم علّم درسا لم أنساه أبدا " إذ رسم على اللوح سلما ضيقا عند أسفله وواسعا عند رأسه". وهكذا علّم طلابه بأنه كلما صعد الإنسان درجات الثقافة اتسعت الفرص أمامه في الحياة. فيحسن بكل معلم/معلمة أن يسعى للحصول على الحذاقة في استعمال اللوح.

دعونا نتكلم في المبادئ العامة في الوقت الذي يجب فيه إظهار الملموس. وكثيرا ما يقضي المعلم/ المعلمة نصف ساعة في تفسير ما كان بإمكانه أن يوضحة في ظرف ثلاث دقائق. فليجعل تعليمه جذابا وواضحا ومؤثرا. فبإمكاننا أن نستعمل اللوح والصور للإفادة العظيمة.

هناك أسلوب آخر التمثيل:

 لهذا الأسلوب تأثيرا فعالا جدا للتعليم. فالتمثيل يعني إعادة مشهد أو عمل يكون مشهدا تاريخيا أو عصريا إذ هو عمل تقليدي مكرر. وتستعمل أيضا لتقديم حقيقة جديدة إذ يمثل المعلم / المعلمة الحقيقة بصورة عملية لتقديم حوادث من الكتاب. ولأسلوب التمثيل في التعليم قيمة وفائدة لمن يشترك فيه ولمن يشاهده أيضا. أما المشترك فيستخدم فكره وخياله وعواطفه وإرادته فيثار فيه الشعور مع الشخص الذي يمثله والاهتمام به وبغاياته. وبالإضافة إلى ذلك فإنه يتعلم بواسطة العمل. لأن التمثيل يقدم الحقيقة للعين والأذن. فهناك عدة طرق للتعليم بواسطة التمثيل. فيوزع المعلم الأدوار بعد دخوله إلى الصف على الطلاب فتقدم بواسطة الصور أو التمثيل الصامت. ويمكن للمعلم/للمعلمة تقديم الدرس بطريقة تمثيلية. وفي إمكانه أن يقدم التاريخ مثلا أو سيرة شخص أو خلاصة أعمال أو حالات اجتماعية بواسطة هذا الأسلوب. وهكذا يرغب الطالب / الطالبة في الدرس ويجذب انتباههم ويعلمهم معلومات ويعمق اختباراتهم.

وهناك أسلوب آخر القصص:

 أما هذا الأسلوب الذي يستخدمه المعلم/ المعلمة الناجح فإنه يبرز حقيقة تعليمه لدرجة إننا نعتبر ميزة تعليمه الرئيسية ونتذكر قصصه أكثر من أي تعليم آخر ولا شك إذ أتقن المعلم / المعلمة هذا الأسلوب فيكون من أمهر المعلمين. فأهمية القصص واستعمالها قيمة خاصة في التعليم فهو حسي ملموس ويثير الخيال وله نغمة طبيعية سهلة وهو جذاب وفعال. إنه أسلوب " لا يقترب منه أسلوب آخر من حيث جماله وكماله". فقد تستعمل القصة بثلاث طرق في التعليم: الأولى لجذب الانتباه. والثانية استعمال القصص كإيضاح يضيء مبدأ أو حقيقة معنوية قدمت قبلها. والطريقة الثالثة هي استخدام القصة لتقديم الدرس كله. فالطلاب الذين يسمعون ويقبلون التعليم بهذه الطرق فإنهم يشبهون التربة الجيدة الصالحة للزراعة أي التعليم.

 فيحسن بنا كمعلمين ومعلمات أن ندرس طرقا ووسائل لاستعمالها في تعليمنا أيضا. فلن نستغني عن المساعدات المنظورة والتمثيلية والإيضاحية.

الـــفـــهـــرس:

1-    كفاءة المعلم / المعلمة للتعليم.
2-
   
صفات التلاميذ.
3-
   
أهداف التعليم.
4-
   
مبادئ التعليم.
5-
   
استعمال المعلم / المعلمة لمواده.
6-
   
مساعدات للتعليم.
7-
   
أساليب أخرى يستعملها المعلم / المعلمة.
8-
   
بعض أساليب المعلم / المعلمة في التعليم.