أصـــنـــعــــوا هـــــذا لــــذكـــــري ( لو 22-19).

أنا الخبز الحي الذي نزل من السماء. من يأكل من هذا الخبز يحيى إلى البد. والخبز الذي أنا أعطيه هو جسدي الذي أعطيه من أجل حياة العالم.( 6:5 ، 54 ، 56).

            نشكر الله الذي فتح لنا هيكله المقدس وأدخلنا إلى مذبحه الطاهر وأعطانا جسده ودمه الأقدسين. إنّها بركة عظيمة بعدما منحنا الطهارة، منحنا جسده ودمه الأقدسين، وقدّم لنا الفصح الذي للعهد الجديد. وهنا اجتمع الفصحان في يوم واحد وعلى مائدة واحدة الرمز والمرموز إليه معا. وأعطى هذا السر العظيم لتلاميذه القدّيسين ( اصنعوا هذا لذكري ) ( لو 22-19). لقد احتفل المسيح مع تلاميذه بالعيد وهو في عمق آلامه. وقال لهم:- ( شهوة اشتهيت أن آكل هذا الفصح معكم قبل أن أتألم)( لو 22-15).

           حقا ما أنبل القلب المتألم، الذي يغنّي مع القلوب الفرحة. نعم احتفل معهم بالعيد وفي فرحة عيد الفصح، حدّثهم عن جسده ودمه الذي يسفك عنهم( لو 22: 19-20). وقال أنّ هذا هو الدم الذي للعهد  الجديد. أليس عجيب أن يتكلّم أحد عن سفك دمه بهذا الهدوء. لكن المسيح المحب كان يفكّر في خلاص البشرية، لأنّه رمزا للفصح الحقيقي الذي للعهد الجديد الذي يذبح عنّا يوم الجمعة، وقال إنّ هذا الفصح الذي تأكلونه اليوم يرمز إلى جسدي ودمي الذي يسفك عنكم غدا( اصنعوا هذا لذكري). أمر يحمل استمرارية هذا السر العظيم مدى الدهور.( لأنّكم كلما أكلتم من هذا الخبز وشربتم هذه الكأس، تخبرون بموت الرب إلى أن يجيء)( اكو 11-26). إلى آخر الدهور.

           أجل يا أحبّائي لكي نتناول جسد الرب ، يجب أن نكون في حالة التوبة، لأنّ التوبة شرط هام لاستحقاق التناول. ( إذن أي من أكل هذا الخبز أو شرب هذا الكأس بدون استحقاق يكون مجرما في جسد الرب ودمه). لأنّه يأكل ويشرب دينونة لنفسه( من أجل هذا فيكم كثيرون ضعفاء ومرضى، وكثيرون يرقدون).(اكو 11: 27-30).إذن الأمر خطير، وعقوبته خطيرة للذين يتناولون بغير استحقاق قد تصل عقوبته إلى ضربات في الجسد كالمرض والموت....( لكن ليمتحن الإنسان نفسه قبل التناول. لأننا لو حكمنا على أنفسنا، لما حكم علينا )( 1كو 11: 28-31). إذن إنّ الذي يتقدم للتناول يجب أن يكون داخله في نقاوة أحشاء العذراء القديسة التي حملت المسيح داخلها لكي يستحق التناول.

            فنجد اليوم يا أحبّائي الكثيرين يتقدّمون إلى تناول جسد ودم الرب دون أن تكون لديهم معرفة تامة حول كيفية الحالة التي يجب أن تكون فيها قبل التناول. فلكي نتقدّم يجب علينا أن نكون في حالة الإيمان...والتوبة...والصلح مع الآخرين، والطهارة الجسدية. لأننا نتناول طهارة لنفسنا وأجسادنا وأرواحنا. فالإيمان ضروري أي بلا بدعة ولا هرطقة. والتوبة هي ترك الخطية وعدم الرجوع إليها.  والصلح مع الآخرين هو( إن قدّمت قربانك إلى المذبح وهناك تذكرت أنّ لأخيك شيئا عليك، فاترك هناك قربانك أمام المذبح، واذهب أولا اصطلح مع أخيك)(مت 5: 23-24). إذن الصلح لازم. في أثناء القداس يقول الكاهن سلام المسيح أي يجب أن نتقدّم إلى ذبيحة الحب ونحن في حالة حب مع الجميع. لا نكون في حالة خصام وكراهيّة. وهنا يقول الرسول ( إن كان ممكنا، فحسب طاقتكم سالموا جميع الناس)( رو 12-18). فهذا يعني أنّه لا يحسب عليك إن كان عدم المصالحة راجعا إلى الآخرين، وليس إليك أنت. أو إن كان ذلك للفائدة الروحيّة. فالذين يبغضونك بلا سبب، إن لم تستطع مصالحتهم فأنت معذور. لا يلزم أن تترك قربانك، وتذهب لتتصالح مع هؤلاء... فهذا لازم في حالة من تكون قد أخطأت أنت اله. إن كنت معتديا اترك قربانك... وإن  كنت معتديا عليك، عاتب لتصالح، أو اغفر لأنّه لا ينفع العتاب.

            تذكروا يا أحبائي قول الكتاب ( اغفروا يغفر لكم)( لو 6-37). أمّا من جهّة الاستعداد الجسدي: فيلزم أولا الصوم أي أن يكون الإنسان صائما من منتصف الليل إلى حين التناول. أيضا توجد هناك الطهارة الجسدية، أن  يكون طاهرا بالجسد، كما يكون طاهرا بالروح. فهناك حالات خاصة تمنع الصوم قبل التناول، مثل المرض وما شابه، أي رغما عنه. لأنّه ليس الجميع يستفيدون فائدة واحدة من التناول. إنّما حسب استعداد القلب من الداخل، هكذا تكون الفائدة. وتذكّروا باستمرار البركات العظيمة الناتجة عن التناول.( أنا هو الخبز الحي الذي نزل من السماء، إن أكل أحد من هذا الخبز يحيا إلى الأبد...من يأكل جسدي ويشرب دمي، فله حياة أبديّة، وأنا أقيمه في اليوم لأخير...من يأكل جسدي ويشرب دمي، يثبت فيّ وأنا فيه)( يو 6: 54-56).

            لماذا إذن يا أحبّائي نقصّر في التقدّم إلى هذه الطهارة، وهذا الخلاص والغفران، والثبات في الرب، والحياة الأبديّة. فلنتناول من قدساتك طهارة لأنفسنا وأجسادنا  وأرواحنا.