أنتم
الآن طاهرون ولكن ليس كلكم ( يو 13-10)
أحبّائي:أتفهمون ما قد
صنعت بكم؟ أنتم تدعوني معلّما وسيدا، وحسنا تقولون لأنّي أنا كذلك. فإن كنت وأنا
سيد العالم قد غسلت أرجلكم. فأنتم يجب عليكم أن يغسل بعضكم أرجل بعض. لأنّي أعطيتكم
مثلا، حتّى كما صنعت بكم تصنعون أنتم أيضا.( يو 13؛ 12-15). لعله أراد أن يعطينا
درسا عن الطهارة قبل التناول، إذ في يوم الخميس الكبير غسل أرجل التلاميذ قبل
التناول لكي يكونوا أطهار. ألعلّه أراد أن يعطينا درسا في التواضع أو درسا في
المحبّة، كي يمنحهم بنفس المحبّة جسده ودمه. فالماء هنا يرمز إلى النقاوة والتطهير.
ويرمز إلى الحياة، ويرمز إلى عمل الروح القدس، أو إلى الروح القدس نفسه.
نعم لعلّه نتذكّر إنّه
بين الخيمة والمذبح كانت توجد مرحضة للماء، فقبل دخول المذبح كانوا يغسلون أيديهم
وأرجلهم. فالاغتسال والطهارة أوّلا قبل التقدم إلى المذبح والذبيحة. ففي قصص
التطهير هناك نعمان السرياني الأبرص، والبرص كان نجاسة، وكان يرمز إلى الخطية.
فأمره اليشع النبي أن يغطس في نهر الأردن ليبرأ( 2مل 5-10). ويذكّرنا بمعمودية
يوحنّا. وشفاء مريض حسدا عندما كان ينزل الملاك ويحرّك الماء وكان يتم الشفاء. كذلك
شفاء الأعمى في بركة سلوام.يمكن أيضا أن نضم الدموع التي بها تطهير للنفس وشفاء
للروح. وفي قصّة المرأة الخاطئة في بيت الفرّيسي حينما أخذت قارورة طيب وغسلت قدمي
المسيح بدموعها ودهنتها بالطيب.(لو 7-38 ).
صدّقوني لست أعلم:
أيّهما كان أطيب رائحة الطيب أم دموع هذه التائبة؟ بلا شك الدموع كانت صاحبة
الفاعليّة. إذا الغسيل في المسيحيّة هي المعموديّة والتوبة. المعموديّة تطهّر
الإنسان من كل خطية، والزيت يرمز إلى زيت الميرون أي الروح القدس، ولكن بعد الماء.
لقد ظلّ الماء رمزا للتطهير وإلى النقاوة. حتّى أنّ الكاهن قبل أن يبدأ القداس يغسل
يديه فيقول ( أغسل يدي بالنقاوة، وأطوف بمذبحك يا رب)( مز 25). إذن الماء يرمز إلى
الروح القدس. كقول الرب في الإنجيل ( من آمن بي تجري من بطنه أنهار ماء حي). ولأنّ
روح الله شبه الماء، قال:( تركوني أنا ينبوع الماء الحيّة، لينقروا لأنفسهم آبار.
آبار مشققة لا تضبط ماء)( أر 2-139). وهكذا ارتبط الماء في أيضا بالحياة، وقد قيل
في قصّة الخليقة إنّ الله اخرج من الماء ذوات النفس الحيّة( تك 1: 20-21). والحياة
الروحيّة أيضا ترتبط بالماء. تبدأ بالولادة من الله، من الماء والروح.( يو 3: 3-5).
فبالمعموديّة يا
أحبّائي يموت الإنسان العتيق ويحيا الإنسان الجديد على صورة الله، وينجو من حكم
الموت. والماء في قول السيد المسيح إلى المرأة السامريّة التي دعاها على مائه الحي
وقال لها: ( من يشرب من الماء الذي أعطيه أنا، فلن يعطش إلى الأبد. بل الماء الذي
أعطيه، يصير فيه ينبوع ماء ينبع إلى حياة أبديّة)( يو 4-14). عندما طعن المسيح
بالحربة، خرج من جنبه دم وماء( يو 9-34). فإن الخلاص الذي قدمّه المسيح بالدم على
الصليب، نناله نحن بالماء والروح في المعموديّة. ويشهد لخلاصك هؤلاء الثلاثة:-
الروح... الماء...والدم. بدون الدم لا حياة، لأنّه بدون سفك دم لا تحصل مغفرة. يقول
المسيح:- ( من آمن واعتمد خلص)( مر 16-16). وفي المعموديّة يولد من الماء والروح
وينال مغفرة الخطايا ( أع 2-38). والماء والدم نراهما في سر الإفخارستيا. حيث أن
الكاهن في صلاة القداس الإلهي يمزج الخمر والماء.
أجل يا أحبّائي إنّ غسل
أرجل التلاميذ تنوب عن غسل الإنسان كلّه. والقديس بطرس لمّا طلب أن يغتسل كلّه، قال
له الرب: ( الذي قد اغتسل، ليست له حاجة إلاّ إلى غسل رجليه، بل هو طاهر كلّه)( يو
13-10). فعندما انتهى السيد المسيح من غسل أرجل التلاميذ قال لهم هذه العبارة:- (
أنتم الآن طاهرون ولكن ليس كلّكم)( يو 13-10). لأنّ كان يهوذا أحد الإثني عشر مزمع
أن يسلّمه.
|