أنــــــا
عـــطــــشــــان (يو19:28)

لقد شرب ربنا كأس
الألم إلى أن جفّ حلقه ولصق لسانه بحنكه. مياه جسده قد تصفت ونزفت وذلك لأسباب
كثيرة. وهي العرق الكثير الذي سال منه كقطرات دم. والعرق الذي سال منه وهو يحمل
الصليب تحت أشعّة الشمس، وكذلك التعب والإرهاق والإنهاك التي تعرّض لها وكثرت
اللطمات. وكذلك الدم الكثير الذي نزف منه بسبب الجلد، وبسبب إكليل الشوك والمسامير.
وبهذا أعلن أن الطرق أخذ سبيله إلى الحديد المحمّى بالنار،أو أن النار بدأت تلتهم
ذبيحة المحرقة. فكان ألما كاملا.
عجيب أن يعطش
الينبوع الذي يهب الماء الحي لجميع العطّاش. فقال للمرأة السامريّة( من يشرب من
الماء الذي أعطيه أنا، فلن يعطش إلى الأبد، بل الماء الذي أعطيه، يصير فيه ينبوع
ماء ينبع إلى حياة أبديّة)(يو 4:145).فكان يقصد بهذه العبارة انّه كان عطشان من
الناحية الجسديّة، ومن الناحية الروحية كان عطشانا للخلاص الذي يقدمه للعالم.لم يقل
أنا عطشان ليطلب منهم الماء، لأنه عالم بأنهم سيسقونه خلا. ولا يمكن أن يلتمس معونة
من البشر، لأنه كان عازما أن يشرب كأس الألم حتّى التمام. لذلك عندما قدّموا له خلا
ممزوجا بالمر كنوع من التخدير لتخفيف الألم ( لم يرد أن يشرب)(مت 27:34). إنما أراد
الرب أن يتمم النبؤآت عنه وأن يعلن أن الثمن دفع، لكي يطمئن البشر.
أمّا البشرية
الخاطئة فقد استهزأت به، فقدموا له خلا لكي يزيدوا ألمه ألما. أترانا نحن نفعل ذلك
ونقدم له خلا بأفعالنا الرديئة وبلهونا وعبثنا وإهمالنا؟ إذن يا أخي اخفض تلك
القصبة التي ترفعها إلى فم المسيح، وابعد عن شفتيه تلك الإسفنجة المملوءة خلا،
واندم على جرحك لمشاعر من أحبّك، واعمل عملا تليق بالتوبة. وقل للرب ليتني أستطيع
أن أرويك بدموعي. ليتك تضرب بعصاك هذه الصخرة الصلبة، التي هي قلبي وتفجّر منها
ماءا يرويك.
الأب الــيــاس صــلــيــبــا
عـــبـــدو
بــــيــــت
لــــحــــم
|