كلمات المسيح على الصليب

 

إنها سبع كلمات لفظ بها الرب على الصليب في آلامه وكانت كلها حياة لها.

          إن السيد المسيح لم يتكلم أثناء المحاكمة ولا أثناء التعذيب والاستهزاء إلا نادرا. كان يغلب عليه الصمت. لقد تنازل عن حقه الخاص وكرامته الخاصة.( فالمحبة لا تطلب ما لنفسها) ( اكو 13-5). أما على الصليب فتكلم حين وجب الكلام. تكلم من أجلنا لنفعنا وخلاصنا. وكان لكل كلمة هدف ومعنى، ولكل كلمة تأثير. فنلاحظ في كلمات المسيح على الصليب عنصر عطاء. عجيب انه وهو على الصليب في مظهر الضعف والانهزام كان يعطي.

        ماذا أعطى المسيح وهو على الصليب؟ أعطى لصالبيه المغفرة، وأعطى للص اليمين الفردوس، وأعطى للعذراء ابنا روحيا ورعاية ،واهتماما. أعطى ليوحنا الحبيب بركة العذراء في بيته، وأعطى للآب ثمن العدل اللالهي الذي يتطلبه، وأعطى للبشرية كفارة وفداء. وأعطانا أيضا اطمئنانا على تمام عمل الخلاص. أعطى لكل أحد وهو الذي لم يعطه أحد شيء.قدم للبشرية كل هذا في الوقت الذي لم يقدموا له فيه سوى مرارة وخل.

        وكلمات المسيح السبع ، كان أولها وأخرها موجها إلى الآب. وكانت أول كلمة ( يا أبتاه أغفر لهم). وآخر كلمة (يا أبتاه في يديك استودع روحي). وأيضا ( الهي الهي لماذا تركتني)؟ ( وقد أكمل).فكل هذه كانت تحمل خطايا إلى الآب أي (العمل الذي  أعطيتني لأعمله قد أكملته). ونلاحظ أنه في كلامه مع الآب استعمل التعبيرين يا أبتاه والهي. ففي عبارة يا أبتاه أثبت لاهوته. وفي عبارة الهي أثبت ناسوته. ففي الأولى شجب هرطقة الآريوسيين، وتكلم كابن الله. وفي الثانية شجب هرطقة أوطيخا الذي أنكر ناسوت المسيح. وتكلم كابن الإنسان. ولم يتكلم على الصليب فقط، وانما مع البشر أيضا. وكانت كلماته كلمات بركة ونعمة.

        لقد كانت ساعة للخلاص وتليق بها البركة. لم يلعن ولم يعاقب لكنه ليخلص العالم.ونلاحظ في كلماته على الصليب ترتيبا خاصا لا تخفي حكمته، طلب أولا المغفرة للناس، إذ فتح باب الفردوس فجاءت الكلمة الثانية لأنه إذ يدفع الدم ثمنا للمغفرة يمكن فتح الفردوس. ثم ذكر أعدائه ثم أحبائه. وفي حديثه مع الله الآب كلمه أولا كأب ثم كاله. فكلماته الثلاث الأولى كانت خاصة بالمغفرة والرعاية. والكلمات الأربع الأخيرة كانت إعلانات لعمل الفداء واتمامه.فعبارة( الهي لماذا تركتني). لدفع ثمن خطايا البشر بالفداء. ( أنا عطشان) آلام جسدية لأجل البشر.( قد اكمل). انه قد دفع الثمن.( في يديك أستودع روحي). الموت ثمن الخطيئة.ويكون قد تم الخلاص.

           واما الكلمتين ألآخرتين فنلاحظ فيها هتاف الفرح والنصر. لقد انتهت المعركة، واستطاع الرب أن يبيد سلطان الموت. وهتف هتاف الفرح والنصر. كل هذا كان  يعطينا فكرة أن المسيح على الصليب كان يعمل لأجلنا، كان يصنع خيرا، كان معلما.

           ما أكثر التعاليم والتأملات التي نجدها في هذه الكلمات السبع، التي يرمز عددها إلى الكمال فلننتقل الآن أيليها، وندخل في أعماقها واحدة فواحدة.