زيارة مريم لأليصابات ( لوقا 1 – 39 – 45)

 

انطلقنا من زيارة بسيطة عادية فوصلنا إلى قمّة إيحاآت الرب وحلول الروح القدس ولقاء صلاة ولقاء أجنّة. أريد أن أسارع وأقول أن هكذا الرب يتدخل بحياتنا اليومية البسيطة كل عمل وكل نشاط تقوم به بحب بسخاء بخدمة بإيمان باستحضار اللـه. نحن لا نعرف كيف الرب يتجلى وماذا يحصل من خلال أي خدمة سخيّة تقوم بها.

 

          إذا الزيارة لأليصابات استهلت فيها مريم خدمتها وهي التي أعلنت ( أنا خادمة الرب) بدأت خدمة وما تنتهي مستمرة، مريم بالسماء تخدم كل المؤمنين في سيرتهم في هذا العالم. هذه الخدمة دامت ثلاثة أشهر في بيت أليصابات حتى مولد يوحنا. ولكن هذه اللوحة الإنجيلية تكشف كل الإيحاآت التي أوحى بها اللـه في هذا اللقاء. وبين الشرف الذي يعطى لكل إنسان يقوم بهذه الخدمة وفي الواقع الخدمة الرب يسوع رفعها إلى مستوى الأشراف. الرب يسوع قال عن نفسه (ابن الإنسان لم يأتي ليخدم بل ليخدم) وشرح ويبذل نفسه فدا عن الكثيرين، وافتتح شرف الخدمة للعالم وقال: من أراد أن يكون كبيرا، ومن منا لا يحب أن يكون كبيرا، من أراد أن يكون الأول، ومن منا لا يحب أن يكون الأول، فليكن خادما للجميع.

 

          وكشف معنى المسؤولية بالعائلة، بالكنيسة، بالمجتمع، بالأوطان. مسؤولية التي تعطي المكان الأول، أبي وأمي يأخذون المكان الأول، الكاهن بالرعية، المطران بالأبرشية، البطريرك بالكنيسة، الرئيس المدني، النائب الوزير المسؤول يأخذ المكان الأول. المكان الأول معناه الخدمة البذل العطاء. هموم الناس وخدمتهم غير موجودة بإطار الخدمة اهتمامات الدولة والمسؤولين السياسيين. هذا عمل خطير ولكن هذا اعتراف كثير مهم، لا توجد مسؤولية لا كنيسة ولا مدنية لشرفية صاحبها. هكذا تعطيه شرف على قدر ما يخدم.

 

          وهكذا نحن اليوم من زيارة العذراء نتعلم شرف الخدمة وننفتح لإيحاآت الروح من خلالها. وفي ضوء إنجيل اليوم نحن سنتأمل ونواصل تأملنا. سنتحدث في ضوء الزيارة عن المرأة التي بالزيارة تتجلى شخصية مريم وأليصابات. سنتكلم عن المرأة ودورها في الكنيسة والمجتمع لأجل هذا نقسم حديثنا إلى قسمين، القسم الأول إنجيل الزيارة وهو انكشاف سر اللـه والإنسان. والقسم الثاني المرأة والخدمة.

 

          توجت مريم العذراء ملكة السماوات والأرض، هذه الملكة للسماء والأرض هي الخادمة، الملوكية والخدمة خادمة للتجسد وخادمة الفداء فلولا مريم لما صار التجسد ولولا مريم لما صار الفداء. خادمة التجسد والفداء جعلتها أن تكون ملكة السماوات والأرض، بينما هي انطلقت بكلمة إيمانية بسيطة يوم البشارة ( أنا أمة الرب ، أنا خادمة الرب، في خدمة كلامه في خدمة الإنسان) الإنسان هو طريق المسيح وطريق الكنيسة. التجسد والفداء هو في سبيل الإنسان.

 

          مريم خادمة الإنسان بملوكيتها بالسماء وعلى الأرض. ولما قالت فليكن لي بحسب قولك أعربت مريم عن طاعتها الكاملة طاعة الإيمان لكلام الرب والذي يوحي أنا خادمة الرب ما هذه البطولة فليكن كل ما تقول، فليكن كل ما يقول الرب.. إعلان طاعة الإيمان بدون تحفظ بدون تراجع فمهما يوحي الرب تقول نعم. وفي الواقع بفرح البشارة.. نعم وأمام الصليب نعم.. نحن هين علينا قول نعم عندما يكون كل شيء على ذوقنا، لا يوجد مثل الرب عندما كل شيء على ذوقنا. لكن صعب علينا نقول نعم عندما الأمور ليس على ذوقنا. حتى أيوب عندما جاءوا إليه وقالوا له ما بالك ما زلت تؤمن برنا بعد ما ضربك هذه الضربة؟ ما زلت تؤمن به؟ وما زلت تصلي؟ لماذا لا تكفر؟ أتعلموا ما قال لهم أيوب.. أنقبل الخير من الرب ولا نقبل الشر.. الشر لم يأتي من الرب.. لكن ليس يوم من الأيام الحلوة ربنا لا يوجد مثله يوم لا يوجد لدي مشكلة.. مريض.. فقدت أحد.. أصبحت فقير.. يوجد لدي مشاكل من أي نوع.. إذا لا وجود معنا للرب. هنا مريم تعطينا هذا المثل وأعربت مريم بهذا الكلام عن التزامها في خدمة اللـه وخدمة مقاصده وخدمة تصاميمه.

 

          ونحن أيضا تاريخ الخلاص كل واحد عندنا دور فيه، تاريخ الخلاص مثل الأحجار بالكنيسة. هذه الحجار التي عملت هذا البنيان هذا كل إنسان يريد أن يبني. هذا هو تاريخ الخلاص لا أحد من يعلم ما هو دوره لكن هذا الدور نبحث عنه باستمرار.. وهنا أريد أن أعلن طاعة الإيمان مكان ما يريدني ربنا، وبالحالة التي أنا فيها.. بظروفي بأوضاعي أنا أريد أن أكون خادم مقاصد الرب.

 

          بالأساس قلنا أنها زيارة عادية بسيطة مثل ما يعملوا كل الستات، الأم- الكنة- الحماة- الأخت- القريبة- النسيبة- الجارة- فلانة حامل يذهبوا يساعدوها يجلسون حولها.. هكذا مريم انطلقت إلى عند أليصابات بالأساس ما كان بخاطرها الذي صار.. ولا كانت تتوقع أنه سيصير هكذا.. لكن اللـه يتدخل في واقع حياتنا اليومية العادية وفي أعمالنا الوضيعة العافاوية. لا تنتظروا  ربنا يتدخل عندما أعمل عمل عظيم.. أو ماذا سيحصل حتى يتدخل ربنا بأعمالنا العادية.. وأنا عندما أعمل أي عمل عادي في البيت في مكان عملي في الكنيسة.. إذا القداسة هي أن أعمل عملي بأحسن ما يمكن بالشكل الخارق العادي.. ليس أن أعمل شيء خارق العادي.. ربنا هكذا يتدخل بحياتنا اليومية العادية.

 

          هذه اللوحة الإنجيلية التي نحن نتأمل بها اليوم.. وخاصة يتدخل الرب بأعمالي التي أعملها بحب- بسخاء- بتضحية، لأنه لا يوجد شيء غريب وخايب عند اللـه. أتذكر عندما كنا صغار كانوا يعلمونا جملة ليس لنخاف ويعلمون أن نكتبها على رأس الدفتر( اللـه يراني ).. فأقول العمل الذي أريد أن أعمله.. أعمله من كل قلبي بحب وعطاء وسخاء.. وليس كيف ما كان.. لأن اللـه يراني شايف عملي.. أو بالأحرى اللـه من خلالي يتمم هذا العمل.. مش ممكن الرب يبقى صامت في الوقت الذي أنا منطلق إلى عملي بحب وسخاء.. هذا الذي ظهر في الزيارة.. لأجل هذا مريم أنشدت في ختام هذا اللقاء.. أنشدت: تعظم نفسي الرب لأنه نظر ( اللـه يراني ) إلى تواضع أمته.. شو أنا.

 

          في هذا الجو من الخدمة والصلاة كشف اللـه المزيد عن سره ومن سر الإنسان.. وإنني سأتكلم عن الذي انكشف في هذه الزيارة وهم ثلاثة أمور.. أولا: انكشف انه حيث المسيح بوساطة مريم هناك الروح القدس.. وفعلا مريم وصلت المسيح جنين بعده بأول أسبوعه.. لأنها بعد البشارة فورا انطلقت ( ضبت شنطتها) وركضت. من دخولها لبيت أليصابات امتلأت أليصابات من الروح القدس.. حيث المسيح هناك الروح القدس.. حضور المسيح تفيض منه الروح القدس.. يعني القوة الإلهية- الحب الإلهي.. النور التعزية.. الروح بذاته الذي ملأها يوم البشارة.. ولكن بوساطة مريم.. مريم التي حاملة يسوع في بطنها.. مريم التي دخلت إلى بيت أليصابات.. مريم الشريكة والوسيطة.

 

          حين وقع صوت سلامك في أذني ارتكض الجنين في بطني..ويقول الإنجيل وامتلأت أليصابات من الروح القدس.. وتنبأت يعني تكلمت كلام اللـه.. والنبوءة كلنا مدعوين أن نعيشها عندما نعلن كلام اللـه.. الذي نقبله بحياتنا ونعله بموافقتنا بمسلكنا بحديثنا.. نحن مشاركين في هذه النبوءة.. ولكن هكذا امتلأت من الروح القدس حتى تكلمت كلام هو اكتشاف.. هو كشف لسر مريم وهتفت وقالت لها.. مباركة أنت في النساء بالنعمة الإلهية التي قال لها الملاك.. ومباركة ثمرة بطنك من أين عرفتهم أليصابات؟؟ بعد ما فتحت مريم فمها.. وما خبرت ماذا حصل.. بعد ما شاركتها بفرح البشارة.. وفوق منها.. من أين لي أن تزورني أم ربي!! لا نحن مع توما الأكوين اللاهوتي.. ولا مع اغسطينوس.. ولا مع المجامع الكنسية.. التي كلها تعلم الوحي الروح القدس.. لكن نحن مع أليصابات العجوز التي امتلأت من الروح القدس فكشف لها سر مريم.. هذا الذي أسميناه التنبؤ.

 

          الروح القدس الذي سيفيضه الرب يسوع بثمرة موته وقيامته على الكنيسة والمؤمنين.. هو الذي قال عنه يسوع المسيح هو الروح القدس.. هو يقودكم إلى الحقيقة كلها.. مثل ما عمل مع أليصابات.. وأذكركم بكل ما قلته لكم.. لولا الروح القدس لما وجدت حقائق إيمانية في الكنيسة.. لولا الروح القدس ما فينا نفهم كلام اللـه.. لأن الروح هو النور الذي يقود المؤمنين والسلطة التعليمية في الكنيسة إلى إعلان حقائق الإيمان.. عقائديا تعلن الكنيسة بوحي الروح القدس ما يجب أن نؤمن به.. وتعلن الكنيسة بوحي الروح القدس ما يجب أن نعمل به خلقيا.. وتشرح الكنيسة بوحي الروح القدس إلى ما نحن نصبوا إليه نهيويا.. هذا هو الروح القدس الذي طل قبالنا من جهة بشخصية مريم يوم البشارة بقوة هذا الروح القوة الإلهية.. البتول تحبل.

 

          اليوم بطل بالزيارة النور الإلهي الذي يفتح العقل والقلب إلى الحقائق الخفية التي أعلنتها أليصابات.. هذا الروح هو القوة فينا التي تجدد هذه الروح هو النور والمعلم الذي يعلمنا ما يجب أن نؤمن به.. ما يجب أن نعمل وإلى ما نصبوا إليه في مسيرة هذه الدنيا.. وبهدي الروح ذاته أليصابات طوبت مريم.. قلنا أولا أعلنتها مباركة بين النساء.. مباركة ثمرة بطنها هي أم الرب.. أم الإله  سنة 431 أي بعد الحدث بـ 431 سنة الكنيسة أعلنت مريم أم الإله.. أليصابات أعلنتها ساعتها.. أم ربي أم إلهي.. ورابع شغلة.. بهدي الروح القدس طوبت مريم.. طوبى لك يا من آمنت أن ما قيل لك من الرب سيتم.. هذا هو عمل الروح القدس.

 

          لأجل هذا قال الرب يسوع خير لكم أن امضي.. كيف بدك تتركنا خليك معنا.. دائما نحن ضد الذي سيتركنا.. خير لكم أن امضي.. يعني أن أموت وأقوم لأنه إن لم أمضي لا يأتيكم البارقليط.. لا يأتيكم القوة والنور والهدايا.. من ذبيحة القداس التي فيها استمرارية موت الرب فداء عن البشر وقيامته.. يفيض على الكنيسة والمؤمنين الروح القدس.. ومريم حولت هذه النبوءة الأخيرة.. طوبى لك يا من آمنت أن ما قيل لك من الرب سيتم.. مريم حولتها إلى صلاة بنشيد تعظم نفسي الرب وقالت ها منذ الآن يطوبني جميع الأجيال لأن القدير صنع بي العظائم.. الصلاة لا تنبت إلا من سماع كلام اللـه.. ما فينا انصلي إذا ما سمعنا كلام اللـه.. لأن كلام اللـه الذي نحن نقبله هو يتحول عندنا صلاة.. عندنا هنا أفضل لوحة لمعنى الصلاة والقيامة.. إذا انطلقنا من عمل بسيط عادي.. أنظروا إلى أين وصلنا.

 

          ثاني حقيقة تنكشف معنا اليوم.. بهذه اللوحة هي حيث المسيح بوساطة مريم هناك الفرح.. يسوع حامل الفرح للبشرية.. ومريم هي حاملة هذا الفرح.. ونسميها أم الفرح.. ونصلي لها أسرار الفرح.. بمناسبة لقاء مريم وأليصابات.. التقي ( إنني أشدد على هذه المناسبة ) لأقول مريم كم هي شريكة ووسيطة.. وكم كل واحد منا هو شريك ووسيط.. بلقاء مريم وأليصابات التقى الجنينين يسوع ويوحنا.. مذ وقع صوت سلامك في أذني ارتكض الجنين.. يوحنا بشهره السادس الاثنين كائن بشري كل واحد عنده شخصية.. هذا من اللحظة الأولى وذاك في الشهر السادس هو ذاته.. وتكشف أمامنا حقيقة عظمى مما يسمى اليوم أخلاق الحياة.. وانه من اللحظة الأولى لتكوين النطفة في أحشاء الأم هناك كائن بشري.. شخص كامل الفراضة.. وكامل الحقوق.. وأي تعدي عليه هو مثل أي تعدي على أي إنسان خرج من بكن أمه.. بحضور يسوع بوساطة مريم كان الفرح.. بعرس قانا الجليل.. مريم التي توسطت عند يسوع وحوّل الماء إلى خمر.. ماذا حدث؟ حدث تنه امتلأ الفرح أكثر بكثير عندما كان في حفلة العرس.. حتى يقول للعالم كله أنه لا يوجد فرح إلا من يسوع المسيح.. ولو كانوا كثير من الناس مهمشين وما علاقة بحياتهم ويعتبروه تضييع وقت.. وياما في ناس هجروا الإنجيل.. والكنائس وكل شيء تريدون لأنه لا يعني لهم شيء يسوع المسيح.. يفتشوا عن سراب اسمه فرح.. لكن الفرح الحقيقي وحده يعطيه يسوع المسيح.

 

           الرب يسوع يعطي فرح القلوب.. لأنه يعطي سلام القلوب.. الذي ينزع كل اضطراب وكل خوف.. نقرأ بإنجيل يوحنا.. والذي لا أحد يستطيع أن ينتزع هذا الفرح من القلوب.. الكلمات ليسوع المسيح بإنجيل يوحنا (الفصل 14-16).. سلامي أعطيكم الرب يقول لا تضطربوا لا تخافوا.. سلام المسيح ينتزع كل خوف كل اضطراب.. ولا يستطيع احد أن ينزع سلامي من قلوبكم.. سلام وفرح يعطي ثقة.. أنا غلبت العالم.. هذا هو فرح المسيح هذا هو سلام المسيح.. إذا المسيحي لا يقدر أبدا يكلمنا عن يأس وقنوط وإحباط.. كلمة أصبحوا يتغنوا بها.. نعم.. أنا أستطيع أن أقول في أيباب لليأس وللقنوط وللإحباط.. نعم.. أستطيع أن أقولها.. ولكن أنا لا أقول أبدا إنني أنا بحالة قنوط ويأس وإحباط.. أنا أقول في أسباب للإحباط.. أنا بالثقة بالرجاء أواجه هذه الأسباب.. لأن المسيح تغلّب على العالم.

 

          أحبائي.. أتكلم أنا عن أسبابها المعنوية والعائلية والحسية والمرضية.. كل حالة أنت تشعر بها إنك محدث.. أنت مدعو إلى السلام الداخلي.. هذا هو الفرح الذي حمله يسوع المسيح.. والذي تحرك له الجنين يوحنا.. يوحنا الذي بعد ذلك خرج من بطن أمه.. هذا يوحنا المعمدان الذي ما خاف.. الذي وقف في وجه الملك وقال له: لا يحق لك أن تعمل هكذا.. عندما يكون في قلبك سلام المسيح وفرحه.. أنت ما في خوف عندك.. وأنت تمتلىء شجاعة في شجاعة الحقيقة.. لكن الذي لا يوجد عنده فرح المسيح وسلامه في قلبه.. صعب عليه أن يأخذ مواقف البطولة.. صعب عليه أن يكون شجاع.. يبقى خايف على جلده وعلى مصلحته.

 

          هذه هي لوحة الزيارة.. ليس كلمات بسيطة ارتكض الجنين من الفرح في بطني.. ليس شغله هينة وبسيطة.. لكن كل هذه الأشياء انكشفت في حياة يوحنا.. وجاء الرب يسوع عندما عملوا نشيده.. من هذا يوحنا العظيم.. ماذا ستقولون نبي!! أكثر من نبي.. ما ولد مثل يوحنا.. يسوع من يوحنا!! عطية الرب لأليصابات وزكريا.. الذين عاشوا حياتهم بخوف اللـه بدون لوم.. ربنا يتدخل بحياتنا يظهر وينكشف بسره وتصاميمه.. عندا نكون عايشين مع اللـه.. بالأمور الوضيعة البسيطة.

 

          ثالث حقيقة تنكشف إلينا اليوم في ضوء المسيح الكلمة.. ينكشف ير الإنسان.. لقاء الجنينين يسوع ويوحنا عند لقاء الأمين.. يدل على أمرين أساسيين.. أولا يدل أن الحياة البشرية المكونة بحشى أي امرأة هي مقدسة.. من اللحظة الأولى لتكوينها في أحشاء الأم مقدسة.. لأنه مصدرها من اللـه.. يوحنا ابن الوعد.. يا زكريا استجيبت صلاتك.. الرب سيعطيك ولد لكن ولد غير شكل.. ابن الوعد ويسوع هو الإله المتجسد.. مثل بعضهم.. هكذا ينكشف سر الإنسان الإله المتجسد والإنسان الطبيعي الذي يولد ببطن أمه من أبوه وأمه.. مثل بعضهم.. مصدرهم اللـه ولذلك الحياة البشرية مقدسة من اللحظة الأولى.. ولا أحد يحق له التعدي عليها بأي شكل من الأشكال.. وبأي مرحلة من المراحل تكوينها في حشى الأم.. ولا يحق لأحد عليها بعد ولادتها.. أكان التعدي إجهاض أو كان تدخل طبي على الأجنّة.. أو كان قتل متعمد.. أو كان قتل رحيم.. أو كان انتحار.. أو كان تعذيب.. أو كان انتهاك للكرامة أو للحقوق..كلها جرم بحق الحياة البشرية.. مصدرها اللــه..وكلها تخضع للوصية لا تقتل.. والوصية الثانية.. أحبب قريبك مثل نفسك.

 

          من هذه اللوحة الإنجيلية تعلم الكنيسة هذا التعليم بهدي الروح القدس.. ومن هذا المنطلق نحن نبني حياتنا وعلاقاتنا مع الناس مهما كانوا.. وما كان لونهم وثقافتهم وطبيعتهم وطبقتهم ودينهم وعمرهم.. هذه هي حياة مقدسة..مصدرها اللـه وعندها دور بتاريخ الخلاص.. أنا أجهله أنا لا أستطيع أن أضع حدا لحياة أي إنسان.. أنا أتدخل وأتعدى على مقاصد اللـه.. واللـه يبني تاريخه بواسطة البشر.. وهذه هي قيمة الإنسان.. ويدل لقاء الجنينين بثاني حقيقة.. أن الجنين كائن بشري له شخصيته وفراضته وحقوقه.. أكان في أيام تكوينه الأولى مثل يسوع.. أو كان بشهره السادس مثل يوحنا.

 

          هناك أناس خاصة من الأطباء الكرام الأذكياء.. الذي يقول لك لأول شهر أو ثاني شهر بعده ليس كائن بشري.. فينا نجهضه!! فينا نعطيه هالحبة.. فينا نعمل الذي نريده.. لا يا حبيبي!! ليس لأنك بدك تقبض يحق لك التعدي على التعليم الإلهي.. لحد اليوم يوجد أطباء يقولون هكذا للناس.. يشجعوهم على جريمة القتل بالإجهاض.. أو بالحبوب المجهضة..لا..لا نستطيع أن نعيش هكذا.. وكل مرّة نريد أن نعطي هذا التعليم يا لطيف يسدّوا أذانهم ويهربوا.. لا يريدون أن يسمعوا تعاليم الكنيسة.. حتى لا يبكتكم ولا يوم أي ضمير.. ولكن نحن نريد أن نعلن هذه الحقيقة هذا الكائن البشري..نحن لا نعرف أبدا هذا الإنسان وما مطلوب أن يعمل بالتاريخ.. لا أحد يحق له أن يضع له حد لحياته أو نموه أو تحقيق ذاته.

 

          أنا أتحدث عن الأجنة وما تحدثت عن المعذبين.. وما تحدثت عن الموجودين تحت التراب.. بأقبية التعذيب بالسجون.. خوفا من موقع يأخذونه بالمجتمع.. لحد الآن لم أتكلم عنهم.. والأنظمة الدكتاتورية التي تتلاعب بمصير الناس.. وأين اللــه!! والأدهى باسم اللــه نضع حد لكذى حياة بشرية هذه سخرية الأجيال.. هذه سخرية عصر النور الذي نسميه اليوم.. نقرأ بالمزامير: إن الجنين في حشى الأم هو ملك اللـه الذي كونه.. ويراه وهو لا زال نطفة صغيرة لا شكل لها في حشى الأم.. ويترسم اللـه في هذه النطفة التي لها شكل يترسم إنسان الغد.. المعدودة أيامه والمكتوبة دعوته في سفر الحياة.. (المزمور 138).. وعندما قال الرب لأرميا.. قبل أن تصور في حشى الأم عرفتك.. ودعوتك وقلت أنت لي.. وتعلم الكنيسة أن لا أحد يخلق صدفة.. ولو خلق صدفة كل إنسان يتكون بحشى أمه.. يريده اللـه شخصيا ويعطيه دور بتاريخ الخلاص.

 

          هنا قيمة التربية وقيمة المجتمع وقيمة الكنيسة وقيمة الانفتاح.. على سر اللـه ليلاقي الإنسان موقعه.. ربي لماذا خلقتني؟ أجمل سؤال ممكن أن تطرحه على نفسك.. ربي لماذا خلقتني؟ ماذا تريد مني؟ وبكتاب ترتليانوس الكاتب الكبير قال: أنه قتل مسبق أن نمنع الجنين من أن يولد ولا فرق بين قتل النفس المولودة وتدميرها في أحشاء أمها.. مثل بعضها.. إنك تقتل إنسان وتقتل جنين مثل بعضها.. ويقول الكلمة الشهيرة فإنه إنسان ذات العتيد أن يكون إنسانا.. يعني هذا المكون بحشى أمه نطفة هذا الإنسان الذي سيصبح إنسان عبر تطوره الطبيعي.. إذ أنت لم تتدخل سيصبح ما هو ينبغي أن يكون.

 

          أنتقل إلى القسم الثاني.. المرأة والخدمة في تعليم الكنيسة.. لأنه تبين من إنجيل اليوم إنجيل الزيارة الذي سنسميه إنجيل الخدمة.. يتجلى وجه المرأة الزوجة والأم وأهمية دورها بالمجتمع والكنيسة ومحيطها المهني.. وكونها المرأة زوجة وأم هذا واقعين متكاملين في ما يسمى الزواج شركة الحياة والحب.. الذي هو أساس العائلة.. زوجة وأم حقيقة واحدة متكاملة.. لأجل هذا تنعم المرأة بكرامة.. تدافع عنها الكنيسة باستمرار وشكل مستميت.

 

 كرامة المرأة.. الكنيسة تندد تشجب وتستنكر كل انتهاك لكرامة المرأة بمختلف وجوه هذا الانتهاك خاصة العنف الممارس ضدها.. واستغلالها جنسيا لمآرب تجارية إعلانية شهوانية.. وتندد الكنيسة بكل شيء يمنع المرأة من حقوقها.. وتندد بكل شيء يحقرها ونأسف أن أقول إنها موجودة بكل البيوت.. مؤسف نقولها أنه يوجد أزواج يحتقروا المرأة ببيتهم زوجاتهم بالضرب بالانتهاك بالإساءة.. من أعطاك السلطان؟ المرأة ليست متاع لأحد!! وأنت زوج المرأة لا تمتلكها!! أنت لم تحضر كرسي إلى بيتك لا تمتلكها!! أنت وكيل على حياتها وكرامتها.. الكنيسة لديها كلام واضح بكل وثائقها وتندد الكنيسة بالحط من قيمة الأمومة إذا ما كان المعاداة للأمومة.. واليوم الأمومة تلاقي انتهاك أو معاداة لمنافع شخصية مثل عدم تحمل أعباء الأمومة.. التحرر الكامل من الواجبات العائلية.. المحافظة على تناسق الجسد.. أو من أجل حماية الإنتاج الصناعي والمهني والتعليمي.. ويتعاطوا مع الأسف مع الموظفات معلمات موظفات.. إذا أصبحت حامل يستعيدوا بالشيطان.. ويوجد منهم يطردونها من العمل لأنها أصبحت أم.. وين رايحين!! حاكمك ربك!! ما فيها تتكلم نصغي أكثر.. وحتى نعلم أكثر.. وحتى نضبط النظام أكثر.. ممنوع المرأة أن تصبح أم!! على من تتعدوا؟ على المرأة أم على اللـه؟ أو حياة البشرية؟ أقولها بمرارة بمؤسساتنا الكنسية ببعض المدارس المسيحية تصرف المعلمة لأنها أصبحت حامل!! بعد ما تكلمت عن المؤسسات التجارية والصناعية.. وصمة عار تحقير الأمومة طبعا ليس أقل جرم من القادرين على إنجاب الأولاد.. عندهم مال ليبقوا أحرار بسهراتهم الليلية وجمال جسدهم يقول البعض ويتصرعوا.. لا نستطيع أن نعيشهم!! والذين لا ينجبون الأولاد عادة هم الأغنياء.. لماذا الدنيا رايحة لورا؟ بالعربي الدارج يقولون الرب لا يرعى بقر!! ربنا لا يرعى بقر!! إذا ما كان حامل العصا يضربنا كل يوم على أعمالنا معناها أنه طويل الرحمة معنا هذا ليس نحن نتمادى بالشر.. هذه مأساة أوروبا التي أصبحت فيها الولادات صفر+صفر.. إنني أتحدث باسمكم مع أن الإنسان لا يستطيع أن يتعدى إلى هذا الحد على تصاميم اللـه وعلى إرادة اللـه وشريعة اللـه.. الكل مدعو وخصوصا الدول لتسن الشرائع تكون أيضا لصالح الأمومة حتى تجنب البشرية خطر خراب كبير هو خطر عدم الإنجاب وعدم تربية الحياة الجديدة.. لأنه ما نفع مجتمع ما في حياة جديدة تولد.. ما نفع مجتمع لا توجد به تربية حتى نجنب البشرية ونجنب العائلة هذا الخطر هذه الخسارة الكبيرة.. نريد أن نحافظ على الأمومة ونحفظها بسنن وشرائع حتى تستطيع العائلة أن تستمر ويستطيع الأهل أن يحملوا شرف معاونة الخالق لنقل الحياة البشرية وتربيتها.

 

وجه مريم العذراء خادمة الرب يسلط الضوء على وجه المرأة.. فاللـه ذاته لجأ إلى امرأة وإلى خدمتها الحرة والفاعلة حتى يتمم حدث التجسد وحدث الفداء.. كان بحاجة إلى امرأة.. إذا نظرت المرأة إلى هذه المرآة التي هي مريم.. إذا المرأة ليست جميلة ليست مرأة!! لكن هناك مرآة مهمة للمرأة وهي مريم.. عندما تنظر المرأة إلى هذه المرآة التي اسمها مريم تجد جمال أنوثتها وكرامتها وأسمى ما ينطوي عليه قلب المرأة من مشاعر.. مثل كمال هبة الذات بدافع من الحب والقدرة على الصمود بوجه أفدح الآلام.. الأمانة المخلصة.. النشاط بدون ملل.. البداية من جديد بكل رجاء.. والخدمة بسخاء بدون مقابل.. أنظروا على هذه المرآة لتعودوا تأخذوا جمال أنوثتكم.. بتكريس ذاتها مريم في خدمة الرب وضعت نفسها في خدمة جميع الناس في خدمة المحبة.. هي أم المحبة وهذا ما جعلها ملكة السماء والأرض.. مثل ما يدعوها كل الشعوب وكل الأمم ويكرمونها..

 

هنا نحن أيضا يجب أن نفهم أي سلطة بالمجتمع بالعائلة أو بالكنيسة يعني ملوكية الخدمة والخدمة الملوكية.. من يخدم يملك.. ومن يملك يخدم.. مريم هي لنا هذه الأيقونة بمفهوم السلطة والمسؤولية في المجتمع.. وهنا صلاة إلى النساء لشكر الرب: نشكرك يا رب على المرأة الأم لأنها تقدم للكائن البشري أحشائها بفرح وبسخاء وترافق خطى هالكائن البشري في كل معارج الحياة وتعضه في النمو.. شكرا يا رب على المرأة الزوجة التي تربط مصيرها بمصير رجل توهب ذاتها وتتبادل هبة الذات مع هذا الرجل في خدمة الشركة والحياة.. شكرا لك يا رب على المرأة الابنة والأخت التي تحمل في قلب العائلة والمجتمع مشاعر الحنان والسخاء ومبادرات الفرح والسلام.. شكرا على المرأة العاملة الملتزمة في مختلف حقول النشاط البشري والاقتصادي الثقافي الفني السياسي الإعلامي التربوي فتغنيها بمساهمتها فيها وبانسنتها.. شكرا لك يا رب على المرأة المكرسة في الحياة الرهبانية أو في العالم على مثال من هي أكبر النساء مريم أم المسيح أم الكلمة المتجسد المرأة المكرسة التي تنفتح بروح الطاعة والأمانة بمحبة اللـه وتساعد البشرية والكنيسة جمعاء في إعطاء جواب مخلص للـه الذي يريد توطيد شركته مع الخلائق.. شكرا يا رب على المرأة التي تغني العالم بأنوثتها وتسهم في انسنت العلاقات بين الناس.

 

أمــــــــــــــــــــــــــــــــــــيـــــــــــــــــــــــــــــــــــــن