أحـــــد بـشـارة الـعـذراء

 

البشارة لمريم هي تحقيق الوعد القديم الوعد بالخلاص الذي قطعه اللـه لأبوينا الأولين آدم وحواء عندما أخطئوا، الملايين من السنين التي فصلت بين الأبوين الأولين للجنس البشري وخطيئتهم والوعد بالخلاص. وكان الوعد عندما توجه الرب إلى الحية التي ترمز للشيطان وللخطيئة ويقول لها: أضع عداوة بينك وبين المرأة بين نسلك ونسلها وهو يسحق رأسك وأنت تترصدين عقبه، هذا ما يسمى أول إعلان لإنجيل الخلاص. الإعلان السابق للخلاص هذه هو الوعد الإلهي لأن اللـه خلق الإنسان ليس لكي يهلك خلقه حتى يشركه بسعادة ملكوته حتى يشركه بحياته الإلهية. وهذا الوعد الذي قطعه لأبانا الأولين جدده لإبراهيم بعهد أبرمه معه وكل هذه الفترة التي تفصل بين البشارة لمريم بميلاد المخلص وما سبقها كل هذا نسميه العهد القديم عهد الخلاص منذ القديم. واليوم البشارة لمريم يعني منذ ألفين سنة التي نسميها أمس بالنسبة لملايين السنين تحقق الوعد، اللـه أمين في وعده، نحن جماعة الرجاء نعيش فرح الانتظار لأن الرب صادق هذا فعل الإيمان الذي تعودنا أن نصليه: الإيمان، الرجاء، المحبة. المهم نحن نحافظ على هذه الصلاة نبدأ بها نهارنا ونعيش بهذا الرجاء إن الرب يأتي والرب يتجلى.

 

          البشرى لمريم ليس فقط لها هي بل بشرى لكل الشعب هي بشرى للعالم كله وإن البشرى منك يا مريم وهذه البشرى لكل البشر سيولد المخلص المسيح المنتظر رفيق الدرب لكل إنسان، هي بشارة لامرأة مخطوبة بمفهوم الشريعة اليهودية عقدت زواجها على يوسف لكن حسب التقليد لم تنتقل بعد إلى بيت يوسف، يعني زوجة بمرحلة الخطبة بين عهد الزوجة الذي انقطع وانتقالها إلى بيت زوجها تدخل اللـه. واللـه يتدخل بالوقت المناسب ويتدخل أيضا بحياتنا العادية وهي تعلمنا أن تصاميم الحياة ليس مرتبطة فيها فقط ولكن أيضا مرتبطة باللـه. المهم ونحن نهيئ تصاميم حياتنا نعرف نفتح طاقة للرب نعرف أن نسمعه من خلال تدخلاته بحياتنا. وهذا العريس الذي هو يوسف ابن داؤد الملك وإن هذا الملك هو الرمز الذي سيأتي منه يسوع الملك الحقيقي والأبدي ومملكة داؤد هي التي ستصبح مملكة المسيح التي اسمها الكنيسة.

 

          أراد اللـه هذه الزوجة قبل أن تنتقل إلى بيت عريسها حسب التصاميم البشرية وربما يقول مار اغسطينوس حتى تدبير اللـه التقى مع قرار مريم يعني أراد أن تكون وهي كرست بتوليتها للـه، يعلم مار اغسطينوس ومعه الكنيسة أن تكون زوجة وعذارء في آن واحد وليس مستغرب هي الممتلئة نعمة هي المتحدة اتحاد كبير مع اللـه، وغير مستغرب أنها تكون كرست بتوليتها حتى مع الزواج من يوسف ويستند القديس اغسطينوس وحتى الكنيسة بتعليمها التقليدي أن مريم أخذت قرار فعلا لتكرس بتوليتها عند سؤالها للملاك: كيف يكون هذا وأنا لا أعرف رجلا؟ بمعنى السؤال لا طعم له إذ أرادت أن تكون كباقي النساء المتزوجات، ليس هذا سؤال كيف يكون هذا؟ كيف أحبل؟ معروف كيف تحبل المرأة بالزواج. ولكن كيف يمكن أنا التي كرست بتوليتي للـه،كيف يمكن أن يحصل؟ ماذا يريد اللـه أن أتخلى؟ أراد الرب لهذه التي كرست بتوليتها أراد لها أن تكون أم بتول وأم. أم لابن اللـه ولا يولد ابن اللـه إلا بعمق وذروة قداسة البشر. وفتحت طاقة من خلال هذا التدبير على قدسية الزواج وقدسية الحب الزوجي والطهارة الزوجية وقدسية العائلة التي سمتها الكنيسة بعد ذلك الكنيسة البيتية. التي حاضر فيها اللـه ويقدس أشخاصها وأصبحت بتدبير اللـه أن مريم في هذه البشارة ليس فقط هي أم ابن اللـه المتجسد ولكن أيضا أم أعضاءه وأعضاء جسده.

 

          البشرية التي افتداها والمدعوة بالمعمودية، معمودية الماء، معمودية الدم أو معمودية الشوق إنها تصير أعضاء بجسده السري مريم، مدعوة أيضا تكون أم هذه البشرية المفتداة، أم بالنعمة لأنها هي شاركت وستشارك مع يسوع ليس فقط بالجسد ولكن بالفداء. وأم الكنيسة التي هي المسيح الكلي المسيح الرأس وجسده الجماعة البشرية.(( كل هذه المواضيع هي التي ستكون موضوع حديثنا اليوم وكلها من قلب اللوحة الإنجيلية البشارة)) وبكل جدارة نسميها البشرى العظمى للبشرية كلها إذ تتجلى في هذه اللوحة الإنجيلية البشارة لمريم تتجلى كرامة العائلة البشرية العائلة الدموية الأسرى وقداستها ودعوتها.

 

          1-البشارة لمريم عهد جديد وشعب جديد. 2-العائلة المسيحية في ضوء إنجيل البشارة.

          البشارة عهد جديد وشعب جديد، مع البشارة لمريم يبدأ فعلا العهد الجديد وهو عهد اسمه جديد لأنه دخل الإله المتجسد ابن اللـه دخل في صميم العائلة البشرية واخذ من عائلة بشرية عائلة يوسف ومريم الشبيهة بكل عائلة أخذ منهم طبيعته البشرية. ودخل ثانيا هذا العهد الجديد بتاريخ الجنس البشري، يعني دخل معه وافتداه ليس فقط صار إنسان مثل كل إنسان ولكن افتدى الإنسان وافتدى التاريخ بكل مضامينه، افتداه وحرره من كل العبوديات بدأ من عبودية للشر والخطيئة. وعندما يتحرر الإنسان من خطيئته يتحرر من كل شيء. وثالثا: العهد الجديد هو الكلمة الإلهي، الكلمة، الحكمة الإلهية المفكر الإلهي دخل بعمق الثقافة البشرية حتى يقول: كل ثقافات الأرض وثقافات الشعوب إنما هو حق وخير وجمال. هذا هو الذي نحن نسميه العهد الجديد الذي ابتدأ مع البشارة بمريم والذي نحن ننتمي له بهذه الأبعاد الثلاثة، هذا الذي دخل عالمنا هو مخلص لكل واحد منا. هذا الذي دخل بعمق الجنس البشري هو المحرر الوحيد وهذا الذي يقود فكر البشر وحكمتهم وثقافتهم وحضارتهم حتى تتوجه كلها إلى الحق والخير والجمال.

 

          ثم هذه اللوحة الإنجيلية هي التي فيها البشارة تجلى سر يسوع المسيح أنه الذي تكلموا عنه والذي قرأنا عنه الذي عمره ألفين سنة ببشريته هذا ابن اللـه الذي أصوله يقول ميخا النبي: أصوله منذ القديم منذ أيام الأزل.(هل يوجد أزل أو أيام)؟ وإذا قلنا أزل لا توجد أيام، لا توجد بداية هذا يسوع المسيح لا بداية له هو اللـه. يقول يوحنا هو كلمة الآب هو إشراق كل الآب إشراق مكل سر اللـه هو كل اللـه وهو في الزمن قبل ألفين سنة ابن مريم ابنها بالجسد. هذه الحقيقة المزدوجة إن يسوع المسيح هو بألوهيته ابن اللـه منذ الأزل لا نستطيع أن نقول منذ لأن الأزل لا توجد له بداية وفي الوقت نفسه هو ابن الإنسان بالزمن عمره ألفين سنة. الحقيقة المزدوجة أعلنها يوحنا الرسول ببداية إنجيله والكلمة صار بشرا وسكن بيننا فرأينا مجده مجد ابن وحيد آت من الآب ملآن نعمة وحقا. ما هذا الإلهام الذي جعل يوحنا الرسول يختصر كل حقيقة يسوع بهذه الكلمات. ويطل بولس الملهم الثاني فليسوف المسيحية الكبير ويقول: هذه الجملة البسيطة برسالته لأهل غلاطية: لما بلغ ملء الزمن منذ ألفين سنة أرسل اللـه ابنه مولودا من امرأة مولودا في حكم الشريعة الذي يفتدي الذين هم تحت الشريعة حتى ننال كلنا البنوة بجملة واحدة كل لاهوت المسيح.

 

          في البشارة في هذه اللوحة الإنجيلية نحن نجد أساس إعلان يوحنا وبولس أساس كلامهم من أين من هذه الرواية الإنجيلية يقول فيها الملاك جبرائيل لمريم: تحملين وتلدين ابنا وتسميه يسوع هو ابن اللـه المولود منك بحلول الروح القدس ثلاث كلمات كل الثالوث، وأنه من سلالة داؤد الملك ويملك على الجنس البشري إلى الأبد. ملوكية خلاص وفداء وملوكية النعمة والحق يقولها يوحنا، هذا هو سر المسيح الذي صار ضائعا في كثير من المجتمعات البشرية الذي صار ضائعا عند المؤمنين عند المسيحيين والذي صار موضوع جدال فلسفي عند الكتّاب والفلاسفة.

          هذه هي اللوحة الإنجيلية تظهر لنا كل سر المسيح هذا الذي سميناه مع بشارة مريم يبدأ عهدا جديدا. ثانيا: يبدأ شعب جديد هذا الشعب الجديد هو الكنيسة المؤلفة من جماعة يقول عنهم يوحنا جماعة الذين قبلوا الكلمة الإلهي يسوع المسيح النور الحقيقي الذي ينير كل إنسان آت إلى العالم. الكنيسة مؤلفة من الجماعة التي قبلت الكلمة وقبلته نور والذين آمنوا به آمنوا باسمه أنه الفادي والمخلص فأعطاهم سلطانا أن يصيروا أبناء اللـه هم الذين لا من دم ولا من رغبة جسد ولا من مشيئة رجل لكن من اللـه ولدوا. (كلام يوحنا). هذا الذي صار فينا بالمعمودية، هؤلاء الذين قبلوا سر المسيح آمنوا باسم يسوع المسيح واعتمدوا معمودية الماء أو الشوق أو الدم هؤلاء أصبحوا أبناء اللـه هذه هي والشعب الجديد هذا الذي اسمه الكنيسة الذي بدأ مع البشارة بمريم. هذه الجماعة الذين قبلوا وآمنوا وولدوا هذه الكنيسة هي مملكة يهوذا الجديدة التي وعد بها اللـه على لسان ناتان عندما يقول لداؤد الملك أقيم من يخلفك من نسلك الذي يخرج من صلبك وأنا أثبت عرش ملكه إلى الأبد. أنا أكون له أبا وهو يكون لي ابنا (نقرأ هذا الكلام بصموئيل).

 

          هذا الوعد الذي قطعه الرب يحققه هذا الشعب الجديد المتمثل بيسوع المسيح التاريخي هو ذاته الذي صار الشعب هذه الجماعة هذه الكنيسة الذي يسميها اغسطينوس المسيح الكلي. وعلى لسان أشعيا النبي ذات الكلام يقول الشعب السالك في الظلمة أبصر نورا عظيما لأنه ولد لنا ولد أعطي لنا ابنا فصارت الرياسة على كتفه لسلام لا انقضاء له على عرش داؤد ومملكته ليقرها ويوطدها بالحق والبر من الآن وإلى الأبد.لا يتكلم عن ممالك زمنية لكنه يتكلم عن الكنيسة هذا الشعب الجديد هذه المملكة الجديدة التي رأسها وملكها يسوع المسيح. إنه يتكلم عن البشرية المفتداة يسوع ابن اللـه المتجسد هو الملك الجديد الأبدي والكنيسة هي مملكته الثابتة إلى الأبد التي قال عنها الرب يسوع لسمعان بطرس بإنجيل تقديس البيعة أبواب الجحيم قوى الشر والموت لن تقوى عليها.

 

          هذه التي تنبأ عنها على لسان ناتان وأشعيا الكنيسة أيضا هي بيت داؤد وبيت يعقوب الجديد ويملك على بيت بيعقوب إلى الأبد. وسمعنا الملاك يقول ويعطيه الرب الإله كرسي داؤد أبيه فيملك إلى الأبد. يملك على بيت يعقوب ولا يكون لملكه انقضاء. ماذا يعني بيت يعقوب؟ بيت يعقوب هي الكنيسة يعني شعب اللـه الجديد، إياه القديم وما علاقته بيعقوب؟ شعب اللـه القديم كان اسمه إسرائيل، ولكن اليهود أتوا وأسمو دولتهم العبرية الاسمية القومية الديمقراطية أسموها إسرائيل وحرّموا علينا نستعمل هذه الكلمة. لكن اسم إسرائيل هو الاسم الذي أعطاه اللـه ليعقوب لأنه صمد بصراعه عندما أتى اللـه ليمتحنه وقال له يكون اسمك إسرائيل هذا شعبي الذي منه أريد أن أكمل إعلان الخلاص، وهذا يعقوب أبو يوسف الذين إخوته حسدا باعوه للتجار وصل مصر وبسببه يعقوب وأولاده انتقلوا إلى مصر عندما أصبح يوسف حارس على كنوز فرعون ملك مصر. وهكذا بداية الشعب القديم الذي اسمه بيت يعقوب. هذا بيت يعقوب الجديد هو الكنيسة ويملك على بيت يعقوب إلى الأبد ولا يكون لملكه انقضاء.

 

          الكنيسة إذا لها عنصرين: عنصر إلهي وعنصر بشري. العنصر الإلهي هو ابن اللـه المتجسد رأس الكنيسة يسوع المسيح وابن مريم في الزمن في الجنس. والعنصر البشري هي جماعة المفتدين الذين يؤلفوا جسد المسيح السر. هذه الكنيسة بعنصريها الإلهي والبشري المسيح والبشر هذه اسمها كنيسة وتختلف كليا عن الطائفة. لأن الطائفة هي العنصر البشري فقط هي الواقع التاريخي الجغرافي الممتلكات التنظيمات القوانين الرتب البشرية التنظيمات الهيكلية هذه اسمها طائفة لكن الكنيسة أكثر من طائفة الكنيسة بعنصريها الإلهي والبشري هي التي اسمها زرع وبداية ملكوت اللـه في العالم، هذه هي الكنيسة، الكنيسة ليست طائفة المسيحيين، نقول الطائفة المسيحية لكي نميزها من الطوائف الأخرى، نعم. وعندما نقول كنيسة معناها العنصر الإلهي الذي يدعوا جميع البشر إلى الخلاص. هذه هي البشرية المفتداة التي عاشت قبل المسيح وبأيامه وبعده على انقضاء الدهور. هذه البشرية هي مدعوة بأن تعيش سر الفداء بالمسيح، زرع وبدايتها الحبة التي انزرعت بالأرض والشتلة التي انزرعت وعم تكبر اسمها كنيسة. التي هي ملكوت اللـه هذه مملكة اللـه الذين قبلوا الكلمة وآمنوا باسم المسيح وأصبحوا أبناء اللـه هذه هي ملكوت اللـه أو بكلام آخر الكنيسة. هذه الكنيسة بهذا العالم منطلقة حتى تبني الملكوت، مثل شبكة بالبحر يشبهها الرب يسوع شبكة بالبحر وتجمع داخلها كل السمك، هذه الكنيسة تكتمل في المجد السماوي بنهية الأزمنة عندما يأتي المسيح مجددا ويضع نهاية للتاريخ تكتمل الكنيسة تكتمل هذه المملكة يكتمل بيت يعقوب.

 

          مريم أم الإله الفادي هي أيضا أم الأعضاء الذي هو رأسهم بسبب مساهمتها بحبها في ولادتهم الجديدة وبالتالي مريم هي أم الكنيسة، أم المسيح التاريخي وأم المسيح الكلي والمسيح السري. كل هذا الكلام هو من اللوحة الإنجيلية من لوحة البشارة وقلنا هذه البشارة لمريم هي بشرى للكنيسة، فإذا هي بشرى للبشرية كلها وأن مريم ستكون أم الإله المتجسد المسيح التاريخي وأم أعضاء جسده السري الذي هو الكنيسة. لهذا السبب حياها جبرائيل وقال لها: سلام الفرح وسلام التغبيط السلام عليك افرحي بعد منها لا تخافي نلت حظوة عند اللـه. هذه الحظوة ليست فقط لمريم هي أيضا للبشرية كلها، لأن البشرية تحظى بهذه البشارة لعهد الفداء الشامل ومريم تحظى بشرف الأمومة للإله والأمومة للكنيسة. ولهذا السبب ملأها الرب بسر تدبيره نعمة من اللحظة الأولى حين تكونت بحشى أمها. مثل كل التي يولد بها كل إنسان وهيأها حتى تكون أم الإله القدوس وأم الكنيسة وحتى تفيض من مريم وبواسطتها على البشرية كلها لأنها شريكة التجسد وشريكة الفداء يفيض على البشرية كلها وعلى الكنيسة كل نعمة.

 

          لأجل هذا لم يسميها الملاك يا مريم أوّل ما كلمها، سماها اسم جديد يا ممتلئة نعمة وهذه التسمية تكشف لنا كل سر مريم. تكشف لنا أولا مريم أنها بريئة من دنس الخطيئة الأصلية. أعلنتها الكنيسة بعد ذلك عقيدة إيمانية عام 1854. لماذا؟ لأن النعمة الإلهية ملأتها فكانت من اللحظة الأولى لتكوينها في حشى الأم فلم تعرف الخطيئة الأصلية ولا خطيئة فعلية شخصية فكانت ممتلئة نعمة وانكشف سر مريم أنها يتول وأم عذراء وأم قبل الميلاد وفي الميلاد وبعد الميلاد بفعل قدرة اللـه التي استقرت عليها بحلول الروح القدس مثل ما شرح لها الملاك يعني الملاك شرح لها ما معنى ممتلئة نعمة الرب معك شرح لها وقال لها الرب معك ليس مجرد دعاء مثل ما نحن نقول اللـه معك هذا دعاء، لكن اللـه معك بكلام الملاك هو واقع حاضر فيها وكون مريم بتول وأم، هي مثال الأمومة والأبوة الروحية كل رجال ونساء كرسوا بتوليتهم للـه والكنيسة بنذر العفة في الحياة الرهبانية سواء في منظماتها أو في العالم.

 

          ثالثا: نكشف من سر مريم بهذه التسمية هي ممتلئة نعمة الرب معك، أن مريم هي مثال الكنيسة تريد الكنيسة أن تعرف حالها تنظر إلى المرآة التي اسمها مريم. يا مرآة العدل أي الخير مثل كل واحد منا يريد أن يعرف حاله ينظر إلى المرآة ويعرف وجهه ويرتبه. هكذا الكنيسة لكي تعرف حالها تنظر إلى المرآة اسمها مريم. هي مثال الكنيسة الأم والبتول وهي قدوة الكنيسة. الكنيسة بعنصرها البشري هي قدوة في الإيمان وبالمحبة بفضل اتحادها الكامل مريم بإرادة الآب وباتحادها الكامل في عمل فداء الابن وباتحادها الكامل بالهامات الروح القدس وهذه رسالة لكل واحد منا كيف نعيش هذا الاتحاد بالإيمان والحب.

 

          رابعا: هذه التسمية تبين من سر مريم التي هي تسميها الكنيسة أيقونة الكنيسة، أيقونتها النهيوية يعني تكشف مريم للكنيسة البشرية مصيرها في نهاية الأزمنة ( إلى أين نحن ذاهبون؟ ما مصيرنا بعد رحلة هذه الدنيا؟ إلى أين)؟ نحن أعضاء الكنيسة يكشف لها انه في الوطن السماوي في نهاية هذه الرحلة عبر التاريخ نكشف ماذا ستصير الكنيسة بأعضائها، ما صارت مريم بانتقالها بنفسها وجسدها إلى السماء.

 

          وأخيرا وليس آخرا هذه التسمية تبين من سر مريم إنها مثال لكل مسؤول، كل واحد حامل سلطة بالكنيسة أو بالبيت الآباء الأهل أو المجتمع المدني سيدرك كل واحد منا حامل سلطة على مثال مريم أنه لا سلطة إلا من اللـه وإن صاحب السلطة هو خادم اللـه لدى الجماعة يلتزم العمل بموجب ما يوحيه اللـه للمسؤول للخير العام. هذا ما قالته مريم في نتيجة هذا الحوار، في نتيجة هذا الكشف عن سر اللـه وسر الكلمة، وكل أبعاده هي مليئة من الروح القدس مليئة من النعمة الإلهية. أدركت معنى هذه الرسالة وعظمتها وأمام هذه المسؤولية الكبيرة كانت الكلمة" أنا أمة الرب". هذا هو المسؤول هذا كل أب وأم يقولها أمام اللـه لأسرته ويقولها كل مسؤول كنسي وكل مسؤول مدني "لا سلطة إلا من اللـه" ولا أحد أحضر شيء من بيته ولا من جيبته، إذا الرب اختارك لمسؤولية كبيرة أو صغيرة أعطاك شرف أنك تكون خادمه لدى الجماعة. ومن عندنا أعز وأشرف من مريم تكون هذا المثال، وأول من اتقى أثرها هو ابنها يسوع المسيح ابن اللـه هذا الملك هذا الذي قال للتلاميذ وكشف عن هويته" أنا بينكم كالخادم ومن أراد أن يكون كبيرا فليكن خادما للجميع".

 

          هذه هي الحضارة المسيحية هذه هي الثقافة المسيحية من مفهوم المسؤولية من أي نوع كانت. كل هذا الذي قلناه أخذناه من الكلمات من هذه اللوحة الإنجيلية لقاء الملاك بمريم وأدركنا فعلا أنه صحيح هذه البشرى ليست لمريم فقط هذه بشرى لكل واحد منا هذه بشرى للكنيسة هذه بشرى للعالم. هنا يوجد سؤال: هل ستتغير الدنيا؟ بهذه اللوحة الإنجيلية التي اسمها مريم ونحن جماعة الرجاء كل شيء سيتغيّر على شرط نحن نتغير، وعندما نحن نتغير نستطيع أن نغير الكون. الكون لم ينتزع من وحده، فالذي نزع الكون، المجتمع، العائلة، الحي، المكان الذي نحن فيه والوطن هو الإنسان أي كل واحد منا. عندما نحن نتغير وعندما نقبل هذه البشارة التي هي لنا ويغيرنا يسوع المسيح، كل الكون سيتغير. من أجل هذا أنا أقول نتأمل أن تتغير الحالة لأن عمل المسيح في نفسنا وعقولنا وأرواحنا.

 

                   أمـــــــــــــــــــــــــــــيــــــــــــــــــــــــــــــن